للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آذَنَهُ يُؤْذِنُه إذا أعْلَمَه قال الشاعر (١):

لقد آذَنَتْ أهلُ اليمامة طيِّئيٌّ … بحربٍ كنا صاة الأغرِّ المُشَهَّرِ

ومنه قول الحارث (٢):

آذَنَتْنا ببينها أسماءُ … ......................

ومعنى القصر: فكونوا على اذْنٍ أي: على علم، يقال: أذِنتُ به إِذْنَاً أي: علمت به فأنا به أذِينٌ أي: عليمٌ مستيقنٌ، وأذِنَ يأذَنُ أذَنَاً إذا استمع.

ومعنى قوله: «بالضم في السين أصلا» أي: جعل أصلاً لأنها لغة أهل الحجاز، وميسرة بالفتح لغة أهل نجد والظاهر أنَّ قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت بالضم؛ ويقال في نظائِرَ لها مَشْرُبةٌ للغُرفَة، ومَشْرُقَةٌ حيت تُشْرِق الشمس، ومَسْرُبةٌ لِشَعْرِ الصدْرِ ومقْبُرَة كما يُقال في ذلك بالفتح.

وردَّ هذه القراءة ابن النحاس (٣)، وقال: هي لحن لا يجوز، بعد اعترافه بأنها لغة أهل الحجاز؛ فكأنه لَحَّنَ العرب بأنه لا يُوجدُ في لغتها مَفْعُلَة إلاحروف معدودة، ويقال في جميعها مَفْعَلة؛ وهذا كلام لايحتاج إلى جوابٍ لأنه يَرِدُ عليه على أنَّ مَفْعُلَة كثيرٌ في كلامهم من ذلك مَفْخُرَةٌ، ومَقْدُرَة، ومَزْرُعَةٌ، ومَأرُبَةٌ، ومَأدُبةٌ، ومَعَرُكَةٌ، ومَزْبُلَةٌ يقال: جميع ذلك بالفتح والضم، قال: وأيضاً فإنَّ الهاء زائدةٌ وليس في كلام العرب مفْعُلٌ ألبتة؛ وذلك لايلزَمُ لمخالفة البناءِ البناءَ وقد جاء مَفْعُل قالوا: مَعْوُنٌ، ومَكْرُمٌ، ومَألُكٌ في جمع مَعْوَنةٍ، ومَكْرُمَةٍ، ومَألُكَةٍ.


(١) البيت لحريث بن عتاب الطائي وقد روي (كالحصان المشهَّر) وهو في اللسان (نصا) ١٥/ ٣٢٧، ومايجوز للقيرواني ٢٠، والدر المصون ٣/ ١٨.
(٢) البيت للحارث بن حِلِّزة وعجزه: «ربَّ ثاوٍ يُمَلُّ منه الثَّواءُ». انظر: شرح القصائد السبع لابن الأنباري. ص ٤٣٣.
(٣) إعراب القرآن ١/ ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>