للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البصريون: هو الأصل وإن لم يكن له في الصحيح نظيرٌ، وقد قالوا: قاضٍ وقضاةٌ، ولا/ يوجد مثله في الصحيح فعلى قولهم: لما اجتمعت الياء والواو وسبقت الأولى منهما بالسكون قُلِبت الواو ياءً وأدغمت الياء في الياء، ومثله: سيِّد، وهيِّن، والأصل سَيْوِد، وهَيْوِن، فالتثقيل هو الأصل، أنَّ بعض العرب يسثقل التضعيف في الياء فيحذف العين فيقول: سيِّد، وميِّت، وهيِّن، وعليها جاءت قراءة التخفيف (١) ومنه قولهم: هين لين، و قوله عليه السلام: «المؤمنون هَينُون ليِّنُون» (٢).

وقال الشاعر (٣):

ليس من مات فاستراح بميْتٍ … إنما الميْتُ ميِّتُ الأحياءِ

وإنما بقوا الزائد وحذفوا الأصلي وهو العين، لأنهم لو بقوا العين لوجب قلبها ألفاً لتحركها وانفتاح ماقبلها، ولو فعلوا هذا لكان إخلالاً بالكلمة بعد إخلالٍ وذلك ممتنع، ونظير هذا الحذف قولهم: هارٍ، وشاكٍ، أصله هاير، وشايك فحذفوا العين؛ وأصل صيرورةٍ، وقيدودةٍ، صيِّرورةٌ، وقيِّدودةٌ، والحذف فيهما ملتزمٌ لكثرة حروفهما.

«والميتة» عنى به قوله تعالى: {وآيةٌ لهم الأرضُ الميتة} (٤) فإن قيل: فهذا يُشْكِلُ على المبتدئ بقوله: {الميتة والدَّمُ} (٥).


(١) وهي قراءة شعبة، وابن كثير، وأبوعمرو، وابن عامر، وقراءة الباقين بالتشديد ماعدا نافعاً شدد التي في (يس)
(٢) أورده السيوطي في الجامع الصغير، وقال: ضعيف، وقال العقيلي: في الضعفاء: هذا الحديث من منكرات عبدالعزيز. انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير ٦/ ٢٥٨.
(٣) البيت لعدي بن الرعلاء الغساني، وهو في اللسان (موت) ٢/ ٣٩٦، وفي شرح أبيات المغني ٣/ ٩٧.
(٤) الآية ٣٣ من سورة يس.
(٥) الآية ١٧٣ من سورة البقرة وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>