للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني من حرفي تحسبن/ قوله تعالى: {ولا يَحْسَبَنَّ الذِّين يَبْخَلُون بِمَا آتَاهُم الله مِنْ فَضْلِهِ هُو خَيْرَاً لَهُمْ} (١) قرأ حمزة بالتاء وجرى فيه من الطعن ما جرى في الأول قال النحاس (٢): «هو بعيدٌ جداً».

ووجهه عند أهل الحذق أنه على حذف مضافٍ أي: ولا تحسبن يامحمد بخل الذين يبخلون خيراً لهم، وهو زائدٌ فاصِلٌ فذهب ما استبعده النحاس من كون (الذين) مفعولاً، وخيراً مفعولاً ثانياً؛ لأنَّ المفعول الثاني في هذا الباب لا بد أن يكون الأول، ويجوز أن يكون الذين مفعولاً على تقدير ولا تحسبن الذين يبخلون بخلهم خيراً لهم، فحذفه لدلالة يبخلون عليه.

ومثله قولهم: ومن كذب كان شرَّاً له أي: كان كذِبُه شرَّاً له، ومَنْ قرأ بالياء فوجه قراءته أنَّ الذين فاعل تحسبن ولا بد من تقدير محذوف أي: ولا يحسبن الذين يبخلون البخلَ خيراً لهم كما تقدم في الوجه الثاني للقراءة الأولى ومثله قول الشاعر (٣):

إذا نُهي السفيه جرى إليه … وخالَفَ والسفيه إلى خلاف

دل السفيه على السفه؛ فالهاء في إليه عائدة إليه، وقوله: «بما يعملون الغيب حق»؛ لأنَّ مكّياً (٤) قال: التاء أحب إليَّ لأنَّ قبله {وإِنْ تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا فَلَكُم أَجْرٌ عَظِيمٌ} (٥) مع ما قبل ذلك من المخاطبة فلذلك قال:


(١) الآية ١٨٠ من سورة آل عمران.
(٢) إعراب القرآن ١/ ٤٢٢.
(٣) لم أهتد إلى قائله وهو في معاني القرآن للفرَّاء انظر: معاني القرآن ١/ ١٠٤، والخصائص ٣/ ٤٩.
(٤) الكشف ١/ ٣٦٩.
(٥) الآية ١٧٩ من سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>