للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ نافع وابن عامر {لا يَحْسَبَنَّ الذِّين يَفْرَحُونَ فَلا تَحْسَبَنَّهُم} (١) بالتاء، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو بالياء فيهما، وضم الباء مِنْ {يَحْسبُنَّهم}، وقرأ الباقون وهم: الكوفيون بالتاء فيهما مع فتح الباء.

فوجه قراءة نافع، وابن عامر أنَّ (الذين يفرحون) فاعل (تحسبن)، والمفعول الأول محذوف وهو أنفسهم، و (بمفازةٍ من العذاب) في موضع المفعول الثاني.

و {فَلا تَحْسَبَنَّهُم} الخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والمفعول الأول الهاء والميم، والمفعول الثاني محذوف، والتقدير فلا يحسبنهم كذلك والفاء عاطفة كما تقول: ما ظننت زيداً قائماً فلا تظننه، ومنه: {والله ورسُولُه أَحقُّ أنْ يُرْضُوه} (٢)، أي: ورسوله كذلك؛ ويجوز أن تجعل مفعولي يحسبن محذوفين.

وأما قراءة ابن كثير، وأبي عمرو فعلى ما تقدَّم من إسناد الفعل إلى الذين يفرحون، والمفعول الأول (أنفسهم)، و (بمفازة من العذاب) الثاني، وفلا يحسبنهم مكرر للتأكيد كقوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحدَ عَشَرَ كَوْكَبَاً والشَّمْسَ والقَمَرَ رَأيتُهم لي سَاجِدِين} (٣) أي: أحد عشر كوكباً والشمس والقمر لي ساجدين رأيتهم.

ويجوز أن تجعل (بمفازةٍ من العذاب) مفعولاً ثانياً ليحسبنهم، ويكون بدلاً من (لا يحسبنهم) فيُغني لإبداله منه عن ذكر مفعوليه، وتكون الفاء زائدةً، وضم الباء من يحسبنهم من أجل ضمير الجماعة بعده وهو الواو، وإنما حذفت لالتقاء الساكنين هي والنون المدغمة.


(١) الآية ١٨٨ من سورة آل عمران.
(٢) الآية ٦٢ من سورة التوبة.
(٣) الآية ٤ من سورة يوسف.

<<  <  ج: ص:  >  >>