للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعايش، ومقام ومقاوم فصحت الجموع مع اعتلال الآحاد ولم يصححوا مصدراً أعلوا فعله لكن يجري المصدر على فعله».

قلت: والذي قاله البصريون: من كونه جمعَ قيمةٍ يحتمله هذا الموضع، وإن كان لا يحتمله الذي في المائدة والأنعام، ومعناه التي جعلها الله قيمة لكم لأنَّ قيمة المرء ماله، ومنه الحسب المال، والسفهاء اليتامى وأراد بالأموال أموال اليتامى، وأضافها إلى المخاطبين لأنها أموال الخلق التي يملكونها، وقيل: السفهاء الأولاد أي: لا تعطوهم أموالكم فيفسدوها.

وقيل: السفهاء النساء، وقيل: لا يصح لأنَّ العرب إنما تقول: النساء سفايه وسفيهاتٌ، وإذا قلنا: إنَّ قيماً بمعنى قياماً فهو من قولهم: هو قيام القوم، وقِوامهم للذي يقوم عليهم ويصلح أمورهم، والكعبة قِيَمٌ للناس بمعنى قيام من هذا، لأنهم يقصدونها بما يوسع على مجاوريها؛ فكأنها تقوم عليهم وتصلح شأنهم، وديناً قيماً وقيِّماً مستقيماً.

ومعنى التخفيف أنه مصدر وُصف به وهو كالشِّبع، والصِّغر والكبر على معنى ذا قيمٍ قال حسان (١):

ونشهدُ أنك عند الملـ … ـيك أُرسلتَ حقاً بدين قيم

وأصل قيِّم قَيْوِم فلما سبقت الياء بالسكون قلبت الواو ياءً وأدغم قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ للدِّينِ القَيِّمِ} (٢)، و {سيُصْلَوْنَ} (٣) على ما لم يُسمّ فاعله أي: يصليهم غيرهم، وهو الحقيقة والأصل فلذلك قال: «كم صفا»، وسيصلون كما قال: اصلوها، ورفع واحدة على أنها كان التامة أي: وإن وقعت.


(١) انظر ديوانه: ٣٧٥.
(٢) الآية ٤٣ من سورة الروم.
(٣) الآية ١٠ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>