للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمرو بن العلاء: يقال: سُعِدَ بغير ألفٍ، كما يقال: جُنَّ زيدٌ يعني مع قولهم: أجنهُ الله؛ وقد قيل: هما في الأصل لغتان سَعَدَهُ وأسْعَدَهُ فتتداخل اللغتان؛ وشذَّت إحداهما، فقالوا: أسعده، وقالوا: مسعود في الأكثر، كما قالوا: أحببت، وقالوا: محبوب؛ مع قولهم: حببتُ ومُحَبّ. فإلى هذا أشار بقوله: «وسل به»؛ يقال: سل به بمعنى اعتنِ به، واشتغل به، كما يقال: سل عنه بمعنى ابحث عنه وفتش عنه.

وإنْ هي المخففة من الثقيلة أُعْمِلت بعد التخفيف، لأنها عَمِلَت لشبهها بالفعل والفعل يَعْمَلُ مع الحذف، كما يَعْمَلُ مع التمام نحو: لم يكن زيدٌ منطلقاً، ولم يكُ زيدٌ منطلقاً؛ هذا قول سيبويه (١) / والأخفش؛ وأنشد (٢):

ووجْهٌ زَانَهُ النَّحْرُ … كأنْ ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ

وأنشد أبوزيدٍ (٣):

ويوم توافَيْنَا بوَجْهٍ مُقَسَّمٍ … كأنْ ظَيْبَةَ تَعْطَوْ إلى ناصر السَّلَمِ

وأبى الفرَّاء (٤)، وقال: لم نسمع العرب تخفيف (أنْ) وتُعْمِلُها إلامع المكنى كقوله (٥):

فلو أنْكِ في يومِ الرَّخاء سألتِني … فِراقكِ لم أبخل وأنْتِ صَدِيق

قال: لأنَّ المكنَّى لا يظهر فيه إعراب، وأما مع الظاهر فالرفع، وقد مضى تفسير «إلى صفوه دلا».


(١) الكتاب ٢/ ١٤٠ قال: «وحدثنا من نثق به أنه سمع من العرب مَنْ يقول: إنْ عمراً لمنطلق». ولم أجد للأخفش في معاني القرآن.
(٢) انظر: الكتاب ٢/ ١٣٥، والإنصاف ١/ ١١٣، وأمالي الشجري ١/ ٢٣٧، الخزانة ٤/ ٣٥٨، ويروى: «ونحر مشرق اللون»، «وصدرٌ مشرق النحر»
(٣) البيت لابن صريم اليشكري يمدح امرأته وينعتها بأنها حسنة الوجه .. انظر الكتاب ٢/ ١٣٤، ابن الشجري ٢/ ٣، الخزانة ٤/ ٣٦٤.
(٤) لم أجد في كتابه معاني القرآن.
(٥) لم أقف على قائله وهو في الإنصاف ٢٠٥، وابن يعيش ٨/ ٧١، والخزانة ٢/ ٤٦٥، والهمع ١/ ١٤٣، والدرر ١/ ١٢٠، ومن شواهد المغني برقم (٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>