للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: معناه أنه خاطب بذلك الجمع الكثير ولم يُعَيِّن فابتدر ذلك من ابتدَرَهُ منهم. ووجهُ القلة أنَّ المباشرين لذلك كانوا قليلاً، وإنما باشروا ذلك بقولهم لهم.

«ورُد» أي: اطلب مِنْ رادَ يرُودُ إذا طلب الكَلأَ روْداً ورِيَاداً، وارتادَ ارتياداً، ومنه أنَّ الرائدَ لا يكذِبُ أهلَهُ (١) أي: الذي يُرْسِلُونه يرتاد الكلأ، ومنه الحديث (٢): «إذا بالَ أحدُكُم فلْيَرْتَدْ لبوله».

أي: يطلب مكاناً يصلح لذلك، والدَّغفل العيشُ الواسع، وعامٌ دغفلٌ مُخْصِبٌ، قال العجَّاجُ (٣):

.................... … وإذ زمان الناسِ دغفليٌّ

والمعنى أطلُب بهذه القراءة عيشاً واسعاً استعارةٌ لظهور المعنى فيها وعدَمِ المنَكِّدِ والمُعْتَرِضِ فيه، لأنهم عَرَفُوه فقالوا: أئنك لأنت يوسف، فلا يقال لصاحب هذه القراءة.

ما يقال لمن استَفْهَمَ ما معنى الاستفهام؟ وليس بموضع استخبارٍ فيحتاج إلى أن يقول لم يقصد الاستفهام وإن أتى بلفْظِهِ، إنما هو لفظُ الاستفهامِ يُرادُ به الاستغرابُ والاستعظامُ لما فاجأ، كما قال فرعون {آمَنْتُم به} (٤)،


(١) من الأمثال العربية. انظر اللسان (رود) ٤/ ١٧٠.
(٢) تتمته: فليرْتَدْ لبوله مكاناً. أي: موضعاً. الحديث رواه أبوداود في سننه. قال السيوطي: حديثٌ حسن، وقد ضعفه النووي في المجموع لأنَّ الذي رواه عن أبي موسى الأشعري رجلٌ مجهولٌ، قال النووي: حديث أبي موسى ضعيفٌ رواه أبوداود عن رجلٍ عن أبي موسى.
انظر: سنن أبي داود. كتاب الطهارة باب الرجل يتبوأ لبوله مكاناً الحديث برقم (٣) ١/ ٢، والمجموع بشرح المهذب ٢/ ٨٣، وفيض القدير ١/ ٣١٠.
(٣) قبله: وقد ترى إذا لجنى جنيٌّ … .....................
وهو في اللسان (دغفل) ١٣/ ١٦١.
(٤) الآية ١٢٣ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>