للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفعولين كما حذف مَنْ قرأ {يُفْقِهُون قَوْلاً} (١) أي: أحداً قولاً، و {لِيُنْذِرَ بأْسَاً} (٢) أي: الناس بأساً، وكذلك قراءة مَنْ قرأ {فَأتْبَعَ سَبَبَاً} (٣) أي: أتبع سبباً به، أو أمره وما هو عليه سبباً». انتهى كلامه موجزاً.

وقال الأخفش (٤): تبعته وأتبعته سواء مثل: ردفته وأردفته، قال الله تعالى: {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ} (٥)، ومنه الإتباع نحو: حَسَن بَسَن، واختار أبو عُبيدٍ فاتَّبع سبباً، لأنها من المسير إنما هي افتعل من قولك: تبعت القوم.

فأما الإتباع بهمز الألف فمعناه اللحاق كقوله تعالى: {فَأتْبَعُوهُم مُشْرِقِين} (٦)، و {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ}.

قال الفرَّاء (٧): أَتْبَع أحسنُ من اتَّبع، لأنَّ اتَّبَعَه سَارَ وراءه، وأتْبَعه قفاه.

{حميئةٍ} مِنْ حميئت البئر صار فيها الحمأة، وهي قراءة ابن عباس، وقرأ معاوية حامية، فقال ابن عباس (٨): حميئة، فسأل معاويةُ رحمه الله عبدَ الله بن عمر، فقال: حامية، فقال ابن عباس: في بيتي نزل القرآن، فأرسل معاوية إلى كعب: أين تجد الشمسَ تغربُ في التوراة؟ فقال: أما العربية فأنتم بها أعلم، وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في ماءٍ وطينٍ، فأنشد بعضُ مَنْ حضر المجلس قول تبع:

فرأى مغيب الشمس عند مآبها … في عين ذي خلب وثاط حرمل

أي: في عين ماءٍ ذي طينٍ وحمأٍ أسود، واختار أبو عُبيدٍ حامية، لأنَّ


(١) الآية ٩٣ من سورة الكهف.
(٢) الآية ٢ من سورة الكهف.
(٣) الاية ٨٥ من سورة الكهف.
(٤) لم أجد في كتابه معاني القرآن.
(٥) الآية ١٠ من سورة الصافات.
(٦) الآية ٦٠ من سورة الشعراء.
(٧) معاني القرآن للفراء ٢/ ١٥٨.
(٨) وهو في البحر المحيط ٦/ ١٥٨ وتفسير ابن كثير ٣/ ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>