للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الهمز فقالوا: هو مِنْ نَسَأْتُ البعيرَ أي: زجرته وهي منسأته لأنها يزجر بها، وأما كونه بغير همز، فقال أبو عمرو بن العلاء: لست أدري مما هو إلا أنه بغير همز، وقال صاحب الجمهرة (١): المِنْسَأةُ غير مهموز، فالقول في ذلك أنه إن كان بدلاً فقد صح نقله عن العرب كما جاء البدل في نظائره مسموعاً، وإن لم يكن له أصل في الهمز فلا كلام، قال الشاعر - وفي الهمز وهي لغة تميم وفصحاء قيس - (٢):

أمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ لا أبان ضرْبَته … بمنسأةٍ قد جرَّ حبلُكَ أَجبُلا

وقال آخر في اللغة الأخرى وهي لغة أهل الحجاز (٣):

إذا دبَبْتَ على المِنْسَاْة مِنْ كِبَرٍ … فقد تَبَاعَدَ عَنْكَ اللهْوُ والغَزَلُ

وقوله: «سكونُ همزتِهِ ماضٍ» لأنَّ الحركة ليست بحركة إعراب، فإسكانها للتخفيف كما أسكنوا في عَضُدٍ وفَخِذٍ، وإن كان هذا مفتوحاً، لأنَّ من العرب مَنْ ألحق المفتوح به واستثقله فقال في طَلَبَ وهَرَبَ: طَلْبَ وهَرْبَ، ولذلك قرأ بعضهم: {رغْبَاً ورَهْبَاً} (٤) وأنشد الأخفش الدمشقي لبعض الأعراب (٥):

صريعُ خَمْرٍ قَامَ مِنْ وُكْأَتِهِ … كقَوْمَةِ الشيخ إلى مِنْسَأْتِهِ

فهذا المعنى قوله: «سكون همزته ماض»، لأنَّ أهل النحو ردُّوا هذه القراءة.


(١) جمهرة اللغة لابن دريد ٣/ ٢٩٠.
(٢) البيت لأبي طالب، وهو في اللسان (نسأ) ١/ ١٦٤، ومجاز القرآن ٢/ ١٤٥، والقرطبي ١٤/ ٢٨٩.
(٣) لم أقف على قائله وهو في اللسان (نسأ) ١/ ١٦٤، ومجاز القرآن ٢/ ١٤٥، انظر: تفسير الطبري ٢/ ٣٧٢ والقرطبي ١٤/ ٢٧٩.
(٤) الآية ٩٠ من سورة الأنبياء.
(٥) وهو في البحر المحيط ٧/ ٢٦٧، وتفسير القرطبي ١٤/ ٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>