للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المكانة العظيمة للمرأة في الإسلام]

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: حياكم الله وبياكم! وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته، وأن يحفظني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

لقاؤنا هذا خاص بأمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا، خاص بالمرأة المسلمة التي هي أساس هذا المجتمع، ولا يقوم المجتمع إلا على أكتاف الرجال والنساء، بل لا يستطيع الرجال أن يقوموا بأدوارهم إلا إذا قامت النساء وسدت جميع الثغرات، وما كان للأبطال السابقين أن يحققوا ما حققوا إلا في ظل وجود المرأة المسلمة الصالحة التقية النقية الخفية.

حديثنا إليك أنت بارك الله فيك، فأنت من أحسن ما قيل فيك: إنك نصف المجتمع، ثم أنت تلدين النصف الآخر.

فأنت المجتمع كله، أنت أساس هذا المجتمع، وخلف كل رجل عظيم امرأة عظيمة بارك الله فيك.

اختار الله لمحمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه حين أراد أن يكلفه بمهام الدعوة، اختار له خديجة، فكانت نعم الزوجة، ونعم الأم، ونعم المربية، ونعم الداعية الصابرة المحتسبة الباذلة المعطية، كل شيء من أجل هذا الدين، ولا عجب أنها وصلت إلى مرتبة رفيعة، ومرتبة سامية؛ يأتي جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: (هذه خديجة أتتك ومعها إناء من طعام، أقرئها من ربها ومني السلام، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)، أسألك بالله العظيم كيف وصلت خديجة إلى تلك المرتبة، الرفيعة، إلا لأنها جعلت حياتها لله رب العالمين.

أخية! المعركة بين الحق والباطل معركة قائمة مستمرة، قد يظهر الباطل حيناً، لكن الغلبة والتمكين لا يكونا إلا للحق، بشرط أن يأخذ أهل الحق بالحق بقوة، ويقدموا من أجل الحق كل غال ونفيس.

قد يظهر الباطل حيناً، لكنه امتحان وابتلاء من الله للصادقين والصادقات، قال الله: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:٨١]، وقال سبحانه: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء:١٨].