إن أعظم الحياء هو الحياء من الله، ويتولد ذلك من التقلب في نعمه، فتستحي الأمة أن تستعين بتلك النعم على معصيته، وفي حديث ابن مسعود عند الترمذي قال صلى الله عليه وسلم:(استحيوا من الله حق الحياء، قال: قلنا: يا رسول الله! إنا نستحي والحمد لله، قال: ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما وحى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).
أيتها الغالية! حتى تكوني صاحبة حياء فلا بد أن تحفظي الرأس وما وعى، يعني: لا نظر إلى محرم، ولا سماع إلى محرم، ولا كلام في محرم، ولا تفكير في محرم.
ولا بد أن تحفظي البطن وما حوى: يعني: لا تأكلي ولا تدخلي البطن إلا حلالاً، ومن ذلك: حفظ الفرج عن الحرام، وصاحبة الحياء ترغب فيما عند الله، وتعمل في رضاه، ولا تلهيها الحياة الدنيا عن الحياة الآخرة.
قال أحد السلف: إني لأستحيي أن ينظر الله في قلبي وفيه أحد سواه، وقال آخر: خف من الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك، قال سبحانه:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق:١٦].
وجاء في الأثر: يقول الله تعالى: يا ابن آدم! إنك إذا استحييت مني أنسيت الناس عيوبك، وأنسيت بقاع الأرض ذنوبك، ومحوت من أم الكتاب زلاتك، وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة.
وجاء في أثر آخر: يقول الرب عز وجل: ما أنصفني عبدي؛ يدعوني فأستحي أن أرده، ويعصيني ولا يستحي مني.
وقال يحيى بن معاذ: من استحيا من الله مطيعاً استحيا الله منه وهو مذنب.
وما أجمل قول التي قالت: فليقولوا عن حجابي لا وربي لن أبالي قد حماني فيه ديني وحباني ذو الجلال زينتي دوماً حيائي واحتشامي هو مالي ولا أني أتولى عن متاع لزوالي لامني الناس كأني أطلب السوء لحالي كم لمحت اللوم منهم في حديث أو سؤال عن سعيد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! أوصني! قال: أوصيك أن تستحي من الله عز وجل كما تستحيي رجلاً من صالحي قومك).