نبه الله تبارك وتعالى عباده عند فعل الأوامر وترك المنهيات إلى استحضار قربه، والنزول في منزلة الإحسان، فقال سبحانه:{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}[الشعراء:٢١٨ - ٢١٩] أي: يراك في هذه العبادة العظيمة -التي هي الصلاة- وقت قيامك وتقلبك، راكعاً وساجداً، وخص الصلاة بالذكر لفضلها وشرفها؛ ولأن من استحضر فيها قرب ربه تبارك وتعالى خشع وذل وأكملها، وبتكميلها يكمل سائر عمله، ويستعين بها على جميع أعماله وأموره.
ثم قال:{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[الشعراء:٢٢٠] أي: السميع لسائر الأصوات على اختلافها وتشتتها وتنوعها، العليم الذي أحاط بالظواهر والبواطن، والغيب والشهادة، فاستحضار العبد رؤية الله له في جميع أحواله، وسمعه لكل ما ينطق به، وعلمه بما ينطوي عليه قلبه من الهم والعزم والثبات والنيات يعينه على بلوغ مرتبة الإحسان.