سئلوا عن عمر بن عبد العزيز الذي بلغ بهمته العالية مبلغ الرجال حتى عد خامس الخلفاء الراشدين في خلافة قصيرة لم تتجاوز السنتين والخمسة أشهر وأياماً معدودة، ولكنه حقق فيها من الإنجازات ما الله به عليم، كيف استطاع؟ تساءلوا فيما بينهم: كيف استطاع ابن عبد العزيز عمر أن يحقق ما حقق؟ فقالوا: والله ما خطا خطوة إلا ونيته لله.
جعل الحياة وقفاً لله تبارك وتعالى، فحقق في فترة قصيرة ما لم يحققه أقوام في سنوات طوال.
قبل أن يتولى الإمارة كان يقول لزوجه فاطمة: يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق إلى الإمارة.
فتولاها، فلما تولاها ارتفعت الهمم، فقال لها: يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق للخلافة.
فتولاها، فأصبح أميراً على المسلمين، أميراً على أكثر من أربعين بلداً من بلاد الإسلام والمسلمين، دانت مشارق الأرض ومغاربها تحت إمارته.
فلما بلغ الخلافة ارتفعت الهمة فقال لها: يا فاطمة إن لي نفساً تواقة تشتاق إلى الجنة.
فسعى من أجل الجنة وعمل من أجلها، ولما كان في ساعات احتضاره في نهار العيد أمر الناس بالخروج فخرجوا من عنده فسمعوا قارئاً يقرأ:{تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص:٨٣].
لله دره، جعل الهم هماً واحداً، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من جعل الهموم هماً واحداً -يعني: هم الآخرة- كفاه الله هم الدنيا وهم الآخرة).