الورقة الأولى: من صفات الفتية: أنهم طلاب علم، فبالعلم يعبد الله ويوحد، وبالعلم يقدس الله ويمجد، وقد رفع الله أهل الإيمان والعلم على غيرهم درجة، كيف لا والعلم طريق من طرق الجنة، وطلاب العلم أخشى الناس لله من غيرهم، فهم ورثة الأنبياء، والله يقول:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[طه:١١٤].
جاء في فضل العلم وأهله: عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)، والأحاديث في فضل العلم وأهله كثيرة.
وروى الوليد بن مسلم قال: شيعنا الأوزاعي وقت انصرافنا من عنده، فأبعد في تشييعنا، فمشى معنا فرسخين أو ثلاثة، فقلنا له: أيها الشيخ! يصعب عليك المشي على كبر السن قال: امشوا واسكتوا، لو علمت أن لله قوماً يباهي بهم أفضل منكم لمشيت معهم وشيعتهم، ولكنكم أفضل الناس.
وسئل ابن المبارك: لو أن الله أوحى إليك أنك سوف تموت العشية، فماذا تصنع اليوم؟ قال: أقوم وأطلب العلم.
وقال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابد والآخر عالم، فقال عليه الصلاة والسلام:(فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير).