الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم! صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وإخوانه.
أما بعد: أحبتي! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله! ومن تقواه العمل بهذه الوصايا العظيمة التي أوصى بها جبريلُ -عليه من ربي السلام- نبينا صلى الله عليه وسلم:(يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل).
فهاهو رمضان قد أقبل، وهو شهر الصيام، وشهر القيام، وشهر العطايا، وشهر البذل، فإن كنا حقيقة نحب رمضان فلنستعد له قبل دخوله، والاستعداد لرمضان قبل دخوله ليس بالطعام والشراب كما يصنع كثير من الناس، ولكن وطِّن نفسك من الآن على قراءة القرآن، وقيام الليل، فمن هديه صلى الله عليه وسلم في شعبان أنه كان يكثر من الصيام؛ استعداداً لاستقبال رمضان، قالت أم المؤمنين:(ما رأيته يتم صيام شهر غير رمضان كشعبان)، وهذا لكثرة ما كان يصوم في شعبان، والناس غافلون عن هذا الشهر العظيم، وما فيه من الأجر الكريم، وأن أعمال العباد تعرض على الله في هذا الشهر، فاتقوا الله عباد الله! واستعدوا للقاء رمضان قبل أن يدخل رمضان، أما ترون أننا قُبيل رمضان دائماً نمني أنفسنا بصيام وقيام وخَتمات للقرآن، فإذا دخل الشهر فشلت هذه المخططات، والسبب: أننا نريد أن نلزم أنفسنا بأشياء لم نتعودها قبل رمضان، فأين نحن من أولئك الذين كانوا يصومون على مدار العام، وأين نحن من أولئك الذين كانوا لا يتخلفون عن القيام، فاستعدوا للقاء رمضان قبل دخوله.
ومما يجب التنبيه عليه: أنّ من كان عليه أيام من رمضان الماضي فالبدار البدار، والمسارعة المسارعة إلى قضاء هذه الأيام قبل أن يحل عليه رمضان، فإن تكاسل وتهاون فإنه يجب عليه القضاء بعد رمضان مع الإطعام، ويكون آثماً على التأخير بدون سبب، فسارعوا إلى قضاء ما فات.