{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ}[فاطر:١] لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، ومن تقوى الله الاستعداد للامتحان، قال جل في علاه:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:١١٥ - ١١٦]، فخسارة الآخرة ليست كالخسارة في الدنيا، ولكن الخسارة أن تنادي بأعلى الصوت: رباه! ارجعون، فلا يستجاب لك، {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}[سبأ:٥٤].
وأما العبد الكافر فقال صلى الله عليه وسلم فيه:(أما العبد الكافر إذا كان في إدبار من الدنيا وإقبال على الآخرة جاءته ملائكة سود الوجوه، معهم كفن من أكفان النار، وحنوط من حنوط النار، وجلسوا منه مد البصر، فيأتيه ملك الموت فيقول: يا أيتها الروح الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتسل روحه كما ينزع السفود من القطن، فإذا قبضها ملك الموت لم تدعها الملائكة في يده طرفة عين حتى يلبسوه الكفن الذي من النار، ويحنطوه بالحنوط الذي من النار، فتخرج منه رائحة كأنتن رائحة وجدت على وجه الأرض، ثم يعرج به إلى السماء، فما يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: من صاحب هذه الروح الخبيثة؟! فيقال: هذا فلان بن فلان، ينادى بأقبح أسمائه التي كان ينادى بها في الدنيا، حتى إذا وصلوا إلى أبواب السماء واستفتحوا له لم يفتح له، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}[الأعراف:٤٠]) إنها رحلة سأمر بها أنا وأنت شئت أم أبيت، (فيستفتحون له فلا يفتح له، ثم ينادي منادي الله: أن اكتبوا كتابه في سجين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه في قبره، فيأتيه الملكان فيقعدانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري) ما صلى الفجر في جماعة، ولا حفظ الجوارح والأركان، وما قدر الله حق قدره، (فيقولان: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيضربانه بمطرقة على رأسه فيخر في الأرض سبعين خريفاً، حتى إذا أفاق قالا له: وما دينك؟ قال: هاه هاه لا أدري، فيضربانه حتى يخر في الأرض سبعين خريفاً، فإذا أفاق أقعداه وسألاه: ومن هو ذلك الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: سمعت الناس يقولون كذا وكذا -فتظهر النتيجة- ويقال له: لا دريت ولا تليت، وينادي منادي الله: أن كذب عبدي، فافرشوا له فراشاً من النار، وألبسوه لباساً من النار، وحنطوه بحنوط من النار، ويضيق عليه في قبره حتى تختلف أعضاؤه، فيأتيه رجل قبيح المنظر نتن الرائحة فيقول: من أنت فوجهك -والله! - الذي لا يأتي إلا بالشر؟ فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد، أنا عملك السيئ) أنا تركك للصلوات، أنا نومك عن الفجر والعصر، وأنا الأغاني، وأنا الربا، وأنا الغيبة والنميمة، وأنا السب واللعان، وأنا الشاشات والقنوات، فيقول:(من أنت؟ فوجهك -والله- الذي لا يأتي إلا بالشر){وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الشورى:٤٥] فكيف سيكون الحال إذا سئلت وتلعثمت؟ فتطلب الرجوع إلى الله فلا يستجاب لك، {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}[فاطر:٣٧]، فينادون بأعلى الصوت: رباه! ارجعون، فلا يستجاب لهم، (فيفتح له نافذة من النار، فيأتيه من حرها وسمومها، فيقال له: هذا مقعدك من النار، فيصيح بأعلى الصوت: رب! لا تقم الساعة، رب! لا تقم الساعة، رب! لا تقم الساعة).