أسألك بالله العظيم هل صليت الفجر اليوم في صفوف المصلين، أم اتصفت بصفات المنافقين، أليس أثقل الصلوات عليهم صلاة الفجر وصلاة العشاء؟ أليست هذه الأمة قد اتصفت بالنفاق في مشارق الأرض ومغاربها؟ هل تريد أن تعرف مقدار المأساة؟ اسمع بارك الله فيك.
زرت ثانوية من الثانويات منذ أيام مضت، وكان تعداد المدرسة أكثر من ثمانمائة طالب في ريعان الشباب، أعمارهم تجاوزت الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والعشرين عاماً، رجال المفترض أن يغيروا الواقع ويبدلوا الحال، سألتهم بعد أخذ وعطاء: اصدقوني في سؤالي هذا: من منكم صلى الفجر في جماعة؟ كم تظن أنه أجاب من الثمانمائة؟ مائة مائتان أم ثلاث أم أربع مائة؟ والله الذي لا إله إلا هو لم يتجاوز عدد الذين صلوا صلاة الفجر في جماعة من أبناء المسلمين في مدرسة تعدادها ثمانمائة طالب عشرين طالباً فقط، وسبعمائة وثمانون بيتاً من بيوت المسلمين اتصفت بالنفاق.
كيف يتغير الواقع أو يتبدل الحال وأمتنا قد ضيعت الصلوات! لما تنزّل قول الله جل في علاه على النبي صلى الله عليه وسلم:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[مريم:٥٩]، يقول النبي صلى الله عليه وسلم باكياً:(يا جبريل! تضيع أمتي الصلاة؟ يا جبريل تضيع أمتي الصلاة؟ قال: يا محمد! يأتي أقوام من أمتك يبيعون دينهم كله بعرض من الدنيا قليل).
فضيعت الصلوات وارتكبت المحرمات، كيف يستقيم الحال؟ وكيف يتربى المجتمع على الفضيلة إن لم يحافظ على الصلوات؟ أليست الصلاة هي التي تنهانا عن الفواحش والمنكرات؟ يكفينا أمر رباني واحد حتى نعلم عظم قدر الصلاة عند الله، أما يكفيك أن تعلم من قدر الصلاة وعظم شأنها عند الله أنها فرضت من فوق سبع سماوات، {وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}[النجم:٧ - ١٠] أمره بخمسين صلاة، فما زال يخفف عنا حتى جُعلت خمس صلوات بأجر خمسين.