الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.
اللهم! صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وإخوانه.
أما بعد: عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة:٢٨١].
أحبتي! من النعم العظيمة التي لا يعرف الناس قيمتها، بل قد يستغرب البعض إذا ذكرتها: نعمة الابتلاء، فالابتلاء نعمة عظيمة يمنّ الله بها على عباده المؤمنين خاصة، فالمؤمن ينظر إلى الابتلاء على أنه نعمة عظيمة، فكلما كان الإنسان إلى الله أقرب فإنه ينزل عليه من البلاء ما يكفر به ذنوبه، ويرفع درجاته؛ حتى يكون عند الله من المقربين، فالابتلاء عباد الله! نعمة عظيمة إذا تلقاها العبد المؤمن بالصبر والاحتساب عند الله تعالى، وينظر إليها على أنها من محب لمحبوبه، فالله يحب عبده المؤمن حباً عظيماً، ومع هذا فإنه قد ينزل عليه من البلاء ما لا تطيقه عادة البشر.
والابتلاء معناه: الاختبار، قال الراغب الأصفهاني: بلوته: أي اختبرته، فكأني: أخلقته من كثرة اختباري له، قال سبحانه:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد:٣١] أي: نعلم حقيقة ما عملتم، الله ينزل على العباد هذه الابتلاءات من خوف، وجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات؛ يختبرهم بذلك، فمن صبر واحتسب كان له الأجر العظيم، ومن لم يصبر كان له العذاب المقيم، قال سبحانه:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة:١٥٥ - ١٥٧].