للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وما النصر إلا من عند الله]

المطلوب منا عباد الله! أن نرجع إلى الله وأن نعلم أن النصرة ليس بكثرة عددنا ولا بعظيم عدتنا ولا بمناصرة الملائكة لنا، ولكن النصر من عند الله كما قال الله: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:١٢٦]، فلذلك أراد الله أن يبين لنا الأمر في غزوة بدر لما اشتدت الاستغاثة بالله فأنزل الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:٩]، فمدهم بهذا العدد، ولكن عقب عليه ليخبرهم بأمر في غاية الأهمية، وهو أن هؤلاء الملائكة أمددناكم بها بشرى ولتطمئن قلوبكم بها فحسب، أما النصر فهو من عند الله، فقال تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران:١٢٦].

بل أكد الله لنا هذا الأمر في درس جلي في غزوة حنين فقال: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة:٢٥]، فبين لنا ربنا أن النصر ليس بالكثرة، وزاد الأمر تأكيداً في سورة الأنفال فقال: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:١٩].

تأمل معي كيف أطلق الله الكثرة ولم يقيدها بعدد، وتأمل جيداً وافتح قلبك وسمعك معاً لما ذكره الله في آخر الآية: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:١٩]، فهل تظن أنه يهزم من كان الله معه وناصره؟! لا وألف لا، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:٢١]، قد تسقط الفلوجة وينحاز المجاهدون ولكن أبداً أبداً لن تسقط لا إله إلا الله، قالها أعرابي ورددها في الصحراء فدخل بها الجنة فكيف بمن قاتل دونها وتحت لوائها ورايتها، وهذه كلمات إلى أمريكا ومن حالفها: الله معنا وناصرنا، الله مولانا، والله أكبر، فإن متنا أخذنا الله إلى جنته وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، يا أمريكا! نحن نقتل؟ نعم، نحن نكلم؟ نعم، نحن نبتلى؟ نعم، ولكننا لا نغلب والذي فطرنا ولا نغلب لا لشيء لأن الله معنا.