ويقول:(يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة ولا أبالي).
أبشر أيها التائب! أبشر أيها العائد! أبشر أيها المنضم إلى قوافل العائدين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
أبشر أيها التائب! فإن الله يفرح بتوبة التائبين، وإن أنين المذنبين أحب إليه من سجع المسبحين.
يروى أن رجلاً سأل ابن مسعود عن ذنب ألم به: هل له من توبة؟ فأعرض عنه ابن مسعود، ثم التفت إليه فرأى عينيه تذرفان، فقال له: إن للجنة ثمانية أبواب، كلها تفتح وتغلق إلا باب التوبة فإن عليه ملكاً موكلاً به لا يغلق، فاعمل ولا تنقط من رحمة الله.
قال عبد الرحمن بن أبي قاسم: تذاكرنا مع عبد الرحيم توبة الكافر، وقول الله تعالى:{إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال:٣٨] فقال: إني لأرجو أن يكون المسلم عند الله أحسن حالاً من الكافر، ولقد بلغني أن توبة المسلم كإسلام بعد إسلام.
يروى أنه كان في بني إسرائيل شاب عبد الله تعالى عشرين سنة، ثم عصى الله عشرين سنة، ثم نظر في المرآة فرأى الشيب في لحيته فساءه ذلك فقال: اللهم أطعتك عشرين سنة ثم عصيتك عشرين سنة، فإن رجعت إليك أتقبلني؟ فناداه منادي أرحم الراحمين: أحببتنا فأحببناك، تركتنا فتركناك، عصيتنا فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك، {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}[الشورى:٢٥].