[من أخبار البخلاء]
نزل رجل على شيخ من أهل مرو وصبي له صغير، وأهل مرو معروف عنهم أنهم أبخل الناس، وفي دمهم البخل يرثونه وراثة، قال: فقلت للصغير: أطعمني من خبزكم، قال: لا تريده مر، اسقني من مائكم، قال: لا تريده مالح، قلت: هات كذا، قال: لا تريده هو كذا، فكلما ذكرت له صنفاً رد علي، فضحك الأب، قال: هذا العلم يجري في عروقهم.
ووقف على أبي الأسود الدؤلي أعرابي وهو يتغدى، والأعرابي يعاني من جوع لا يعلمه إلا الله، فسلم عليه فرد عليه، ثم أقبل على أكله ولم يعزم عليه، فقال الأعرابي لـ أبي الأسود: لقد مررت بأهلك، قال: نعم كانوا في طريقك، قال: أخبروني أن امرأتك حامل، قال: كذلك تركتها، قال: يقولون: لقد ولدت، قال: لا بد لها أن تلد بعد الحمل، قال: يقولون: ولدت غلامين، قال: كذلك كانت أمها، قال: مات واحد منهم، قال: ما كانت تقوى على إرضاع اثنين، قال: مات الآخر، قال: مات حزناً على أخيه، قال: وماتت الأم، قال: حزناً على ولديها، قال: ما أطيب طعامك! قال: لذلك لن آكله إلا وحدي.
وجلس أحد البخلاء مع زوجته على قدر من الطعام فقال: ما أطيب الطعام لولا كثرة الزحام، فقالت امرأته: وأي زحام وما ثم إلا أنا وأنت، قال: كنت أحب أن أكون مع القدر لوحدي.
ومر رجل على رجل من أهل مرو، فبدأ يعرف بنفسه أنا كذا أنا كذا، يعرفه لأنه كان صديقه، قال له: اسمع يا شيخ، والله لو خرجت من جلدك ما عرفتك.
قال أحد البخلاء الأغنياء لخادمه: هات الطعام وأغلق الباب، قال الخادم: لا، أغلق الباب ثم هات الطعام، قال: لماذا؟ قال: تغلق الباب حتى لا يدخل أحد، ثم تأتي بالطعام، قال: اذهب فأنت حر لوجه الله؛ لعلمك بعزائم الأمور.
ومر رجل على رجل له إليه حاجة، فلا زال يكلمه في حاجته ويأتيه يمنة ويسرة، ولكن ليس هناك جدوى، ثم قال له: أين الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة؟ قال: ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافاً.
اللهم أعط نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، إنك أنت وليها ومولاها، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع هداك يا رب العالمين، اللهم قيض لولاة أمورنا البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير إذا فعلوه وتذكرهم به إذا نسوه، واجمع شملنا، ووحد صفنا، وانصر مجاهدينا في كل مكان، وثبت أقدامهم واربط على قلوبهم واجعل الكافرين غنيمة لهم يا رب العالمين.
اللهم انصر من نصرهم، واخذل من خذلهم، اللهم اجمع شملنا، ووحد صفنا، وأعل شأننا، وردنا إليك رداً جميلاً يا رب العالمين.
اللهم من أنفق في سبيلك فضاعف له الحسنات، ومن أمسك اللهم فصحح نواياه، اللهم من بنوا هذا المسجد فبارك لهم في أموالهم وذرياتهم وأزواجهم، واخلفهم في مسجدهم هذا خيراً، وارحم موتانا وموتاهم يا رب العالمين، اللهم من أنفق في سبيلك فأنت الكريم، عاملهم بمنك وكرمك واخلفهم في أموالهم خيراً يا حي يا قيوم.
هذا وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.