التوبة من تاب يتوب، ومعناها: العودة والرجوع، التوبة: ترك الذنوب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار، فالاعتذار على ثلاثة أوجه: إما أن يقول المعتذر: لن أفعل.
أو يقول: فعلت لأجل كذا.
أو يقول: فعلت وأسأت وقد أقلعت، وتبت ورجعت.
ولا رابع لذلك، والأخير هو التوبة قال سبحانه:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:٣١].
أقسام الناس: قال سبحانه: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات:١١]، قسم الله العباد إلى تائب وظالم، وليس هناك قسم ثالث، وأوقع اسم الظالم على من لم يتب، فمن لم تتب لا أظلم منها؛ لجهلها بربها وبحقه عليها، وبعيب نفسها، وآفات أعمالها، ففي الصحيح قال صلى الله عليه وسلم:(يا أيها الناس! توبوا إلى الله، فوالله! إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة).
وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومع هذا يتوب في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة، وفي رواية:(أكثر من مائة مرة)، وكان أصحابه يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم:(رب اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الغفور) مائة مرة، وما صلى صلاة قط بعد إذ أنزلت عليه:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}[النصر:١] إلا قال فيها: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي).
والتوبة -أخية- هي الرجوع إلى الله، ومفارقة صراط المغضوب عليهم والضالين، ولا تصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب، والاعتراف به، وطلب التخلص من سوء عواقبه في الدنيا والآخرة.
فتعالي نقول بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور بسيد الاستغفار:(اللهم! أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك علي، أبوء بذنبي- يعني: أعترف وأقر- فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).