إن ثمار العمل الصالح كثيرة، وسنذكر بعضاً منها، ومن أعظم هذه الثمار: أن العمل الصالح سبب لحب الله للعبد، قال جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}[المائدة:٥٤]، من صفاتهم:{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة:٥٤].
فمن أعظم ثمرات العمل الصالح أنه سبب لحب الله لهذا العبد، فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)، وكفى بحب الله شرفاً! والله! إن القلب ليطير فرحاً إذا قيل له: إن فلاناً أو فلانة من الناس يحبك أو يذكرك بالخير، فكيف إذا أحبك الله، وهو الملك الواحد الأحد الذي ما تقرب إليه عبد إلا تقرب إليه، وأقبل عليه برحمته وعفوه وكرمه، فكان مع العبد في سرائه وفي ضرائه، ومن كان الله معه فقد فاز وأفلح.
يا من يحار الفهم في قدرته وتطلب النفس حمى طاعته تخفى عن الناس سما طلعته وكلما في الكون من صنعته الله أكبر إن الغني يحب الفقراء، والقوي يحب الضعفاء، والعزيز يحب الأذلاء، فما أعظمها من منزلة ومكانة! ولا ينالها إلا من جاهد وصبر.
ومن ثمار العمل الصالح: حب الله والملائكة، قال جل من قائل:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}[مريم:٩٦]، قال أهل التفسير: يعني: حباً وقبولاً بقدرة الله.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل وقال له: إني أحب فلاناً فأحببه، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)، ذكراً كان أم أنثى فكم من الفضل العظيم عند التقرب من الرحمن الرحيم! ومما زادني شرفاً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبياً والله! مهما تبذل الأمة ويبذل العبد لكسب محبة الناس فلا يستطيعون ذلك، ومن ابتغى رضا الله في سخط الناس، رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن ابتغى رضا الناس في سَخْط الله سَخِطَ الله عليه وأسخط الناس عليه، فبحب الله تحصل على خير الدنيا وخير الآخرة.