عباد الله! لقد أيقظت الفلوجة الأمة وأشعلت فيها روح التحدي، وضربت مثلاً للصبر والاستبسال مهما كانت قوة العدو، والأهم أنها كشفت حقيقة الشعارات الزائفة عن الحرية وحقوق الإنسان، وفضحت المنافقين والخونة والعملاء، لقد علمتنا الفلوجة دروساً وأظهرت لنا حقائق وعبراً منها: إن الأمة لا زالت بخير ولا زالت كالجسد الواحد مهما حاولوا تفريقها بتقسيمها إلى ممالك ودويلات وإقامة الحدود بين شعوبها، فها هي شعوب العالم الإسلامي تنادي بالفلوجة وتردد اسمها، وتقنت لها مساجدها ويدعو لها شيبها وشبابها ونسائها وأطفالها، ها هي الأمة تردد: فلوجة يا درة الأحرار صبراً سيسحق صبرك النذل اللعينا رجالك لن يقوم لهم جبال رجال الحرب طاحنة طحونا إذا لاحت لهم سود المنايا تلقوها أسوداً ناصحينا وإن نهضوا فصوتهم يدوي فتحسب أن صوتهم المنونا وإن قاموا إلى الأعداء ولوا علوجاً صائحين مولولينا قال ربنا: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:٩٢]، وقال نبينا صلوات ربي وسلامه عليه:(مثل المسلمين في توادهم وترابطهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
فلا تحزني يا فلوجة! فقلوبنا تبكي دماً، وإن أصوات الرجال وبكاء الأطفال واستغاثات النساء قد وصلت إلى مسامع الرجال والأبطال:{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}[الشعراء:٢٢٧].
ومن الدروس والعبر التي علمتنا إياها فلوجة العز: أن الصليب قد تورط ورطة كبيرة ومعقدة جداً، ظنوا أن الخروج مثل الدخول، لقد أدخل المجاهدون الصليب في نفق لا عودة منه، وإن قبورهم قد حفرت لهم، بل ستترك جثثهم لتأكلها الكلاب، ظنوا أنهم إن دمروا الفلوجة دامت لهم العراق.
يا لهم من أغبياء حين ظنوا أن الفلوجة كالنجف وكربلاء، لقد انطلقت المقاومة من بعقوبة والرمادي والموصل وبيجن وكركوك وبغداد وسائر الأنحاء أقوى مما كانت عليه من قبل، ولئن احتاج عباد الصليب عشرين ألفاً من أعتى جنودهم لاقتحام مدينة فارغة فكم سيحتاجون من أتباع الباطل وجنود العهر واللواط كي يقفوا في وجه هذه الأمة، إذا ما قرر النائم منهم أن يستيقظ والغافل منهم أن ينتبه والعاصي منهم أن يتوب.