الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أخي المسلم! إن الأمراض التي تصيب الإنسان على نوعين: النوع الأول: أمراض تصيب الأبدان، ومنها نفر إلى الطبيب، فينظر الطبيب في الحال، وينظر في الأعراض، ويصف الدواء، وعلى المريض الأخذ بالأسباب، ومداومة أخذ العلاج حتى يبرأ بإذن الله.
النوع الثاني: أمراض تصيب القلوب وهي أشد فتكاً وأشد خطراً من الأمراض التي تصيب الأبدان؛ لأنها تؤدي إلى خسارة الدنيا وخسارة الآخرة؛ ولأنها لا تكتشف إلا عند ساعات الرحيل، وساعات الاحتضار، فأمراض القلوب من أشد الأمراض فتكاً بهذه الأمة.
ومرض الأمة اليوم قد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم منذ مئات السنين حين قال:(يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قلنا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟! قال: أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع من صدور أعدائكم المهابة، ويقذف في قلوبكم الوهن -وهذا هو المرض- قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).