للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صورة مشرقة في زمن الانحطاط]

فهذه بعض من أخبارهم، وبعض من تلك الصور التي سطروها، وبعض من آثار القرآن التي ظهرت عليهم يوم أن صدقوا مع الله تبارك وتعالى، قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء:٩]، ونحن الآن في الإجازات الصيفية ينبغي أن يكون أعظم ما تملأ به الأوقات قراءة القرآن، فإن أشرف ما تملأ به الأوقات حفظ كتاب الله تبارك وتعالى.

واعلم أن القرآن الذي صنع الجيل الماضي والذي صنع ابن مسعود وأولئك الرجال لا يزال يصنع أبطالاً.

وسأروي لك خبراً صغيراً عن شاب صغير في العاشرة من عمره، وكيف أثر القرآن على مسامعه، إنه طالب صغير في حلقة من حلقات القرآن، وكان يداوم على حفظ الكتاب يوماً بعد يوم، وكانت أمه بارك الله فيها هي التي تتعهده في البيت بالحفظ والمراجعة، فليت كل الأمهات كهذه الأم، فجاءها الصغير ابن العاشرة يوماً حزيناً منكسراً مهموماً مغموماً، فقالت الأم: صغيري! أنت صغير على الهموم والغموم، فقال لها: أماه! دعيني فوالله! إني مشغول، وانظر ماذا شغله، وقل: ما الذي شغل صغارنا اليوم؟ فما زالت الأم تلح عليه حتى يقول ما في نفسه، فقال لها: أماه! لقد قرأنا اليوم في الحلقة سورة الإنسان، فسمعت من أخبار الجنة العجب العجاب! يقول ابن العاشرة لأمه: أماه! سمعت من خبر الجنة اليوم العجب العجاب! يقول الله: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان:١٢ - ١٤]، إلى أن بلغ قول الله تعالى: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} [الإنسان:٢٢]، ثم يقول الصغير لأمه: أماه! أسألك بالله! ما هو السعي الذي كانوا يسعونه حتى يقول الله لهم: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا} [الإنسان:٢٢]؟! إنها آية أوقفت الصغير وجعلته مهموماً مغموماً؛ يتدبر في كتاب الله تبارك وتعالى.