ومما أمرنا الله بحفظه وقد ضيعه كثير من الناس: حفظ الصلوات، وما أدراك ما الصلوات؟ قال سبحانه:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة:٢٣٨]، وقال ممتدحاً عباده المؤمنين:{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}[المؤمنون:٩] فمن حافظ على الصلوات وأداها بأركانها حفظه الله من نقمته وعذابه، وكانت له نجاة يوم القيامة، وهي من خير الأعمال، كما قال صلى الله عليه وسلم:(اكلفوا من العلم ما تطيقون، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة).
ووالله! لن تلقى الله بعمل بعد توحيده أعظم من المحافظة على الصلوات.
وللصلاة تأثير عجيب في دفع الشرور ولا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً، فما استُدفعتْ شرور الدنيا وعذاب الآخرة بمثل الصلاة والمحافظة عليها؛ وسر ذلك: أن الصلاة صلة بالله جل في علاه، وعلى قدر صلة العبد بربه تفتح عليه من الخيرات أبوابها وتقطع عنه من الشرور أسبابها، وتأمل في قوله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث القدسي عن الله عز وجل:(يا ابن آدم! اركع لي من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره).
ومن حفظ الله للمصلين: أن صلاتهم تنهاهم عن الفحشاء والمنكر.
وأما من ضيعها فقد توعده الله بالهلاك والشر العظيم، فقال سبحانه:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[مريم:٥٩] فكيف هي صلاتنا اليوم؟ وهل حفظناها؟ وهل راقبنا الله فيها؟ وهل تدبرنا قوله:{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}[الشعراء:٢١٨ - ٢١٩]؟ قل لي بالله العظيم: كم مرة تفوتك صلاة الجماعة؟ وكم مرة تفوتك تكبيرة الإحرام؟ وكم مرة تنام عن صلاة الفجر؟ والله! لن يستقيم الحال إلا إذا استقام العبد في أداء الصلاة، ووالله! لن يستقيم للعبد حال إلا إذا استقام في صفوف المصلين.