[البلاء نعمة إذا صبر واحتسب العبد]
عباد الله إنّ في الابتلاء نعم عظيمة إذا رافقها صبر واحتساب، لكن لا يفهم من هذا أن الابتلاء أفضل من العافية، بل العافية أفضل من البلاء، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ في دعائه من بلاء الدنيا وبلاء الآخرة، روى أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر! فقال صلى الله عليه وسلم: قد سألت البلاء، فاسأل الله العافية).
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مطرف بن عبد الله قال: لئن أُعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر.
وقال صلى الله عليه وسلم: (يا عباس يا عم النبي! أكثر الدعاء بالعافية).
وخير ما سألتم الله عباد الله! هو العفو والعافية، فالبلاء أجره عظيم، إلا أن العافية أحب إلى نفس المؤمن، فلعل الإنسان لا يستطيع الصبر على البلاء.
اعلم -رعاك الله، وبارك فيك- أن مفاتيح السعادة ثلاثة: إذا أنعم الله على العبد شكر، وإذا ابتلاه صبر، وإذا أذنب استغفر، واعلم - بارك الله فيك- أن الله قد يبتلي بالنعم كما يبتلي بالمصائب والآلام، ووالله الذي لا إله لا هو! إن امتحان النعم أشد من امتحان المصائب والآلام، وذلك أن النعم تلهي وتطغي وتنسي إلا من رحم الله، قال الله: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا * قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء:٨٣ - ٨٤].
فتأمل أخي! نعمة الأمن والأمان، وتأمل ما يحدث لإخواننا في فلسطين والشيشان، وفي العراق وفي كل مكان، وتأمل نعمة العافية، فهناك مرضى وجرحى لا يجدون من يواسيهم أو يدفع عنهم ذلك الألم، تأمل ولعل الله تعالى أنهم قد أحبهم فابتلاهم، وهو ينظر في أحوالنا وأوضاعنا وماذا نصنع لإخواننا هؤلاء.
اللهم أنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة.
اللهم احفظنا في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا، واستر عوراتنا، وآمن روعاتنا.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير إذا فعلوه وتذكرهم به إذا نسوه.
اللهم احفظ علينا أمننا وأماننا، اللهم من أرادنا وبلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا رب العالمين! اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك، اللهم انصرهم في فلسطين والشيشان وفي العراق وأفغانستان، اللهم انصرهم في كل مكان يا رب العالمين! اللهم إنهم قلة فكثرهم، حفاة فاحملهم، اللهم سدد رأيهم ورميهم، اللهم كن معهم ولا تكن عليهم، اللهم إنهم خائفون فأمنهم، اللهم إنهم مظلومون فانتصر لهم يا رب العالمين! اللهم اقلب أرض الفلوجة على الكفار ناراً، واجعل سماءها شهباً وإعصاراً، اللهم سلط عليهم ما خرج من الأرض، وما نزل من السماء.
اللهم اشدد وطأتك على اليهود والنصارى المعتدين، واشدد وطأتك على المنافقين وعلى من عاون الظالمين يا قيوم السماوات والأرضين! اللهم أهلك الظالمين بالظالمين، وأخرج المؤمنين من بينهم سالمين.
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:٩٠]، اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥].