سبق هذا الفارس الناس كأنه برق، فقال خالد: ليت شعري من هذا الفارس؟ وايم الله إنه لفارس شجاع! ثم تبعه خالد والناس.
وكان هذا الفارس أسبق إلى صفوف المشركين؛ فحمل على عساكر الروم كأنه النار المحرقة، فزعزع كتائبهم، وحطم مواكبهم، ثم غاب في وسطهم، ثم خرج وسيفه ملطخ بالدماء وقد قتل رجالاً، وجندل أبطالاً، وعرض نفسه للهلاك.
ثم اخترق مرة ثانية غير مُكترث ولا خائف ولا مبال، فقلق عليه المسلمون، وقال رافع بن عميرة: ليس هذا الفارس الملثم إلا خالد بن الوليد فإذا بـ خالد بن الوليد على يمينه قد أشرف عليه، فقال رافع: من هذا الفارس الذي تقدم أمامك، فلقد بذل نفسه ومهجته؟! فقال خالد: والله إني أشد إنكاراً له منكم، ولقد أعجبني ما ظهر منه من شجاعة، فقال رافع: أيها الأمير! إنه منغمس في عسكر الروم يطعن يميناً وشمالاً.
فقال خالد: معاشر المسلمين! احملوا بأجمعكم وساعدوا المحامي عن الدين، فأطلقوا الأعنة، وقوموا الأسنة، والتصق بعضهم ببعض، وخالد أمامهم، ونظر إلى الفارس فوجده كأنه شعلة من نار، كلما لحقت به الروم، لوى عليهم، وكر وفر، وصال وجال.
فتعجب المسلمون من هذا الفارس الملثم! ووصل الفارس المذكور إلى جيش المسملين، فتأملوه فرأوه قد تخضب بالدماء، فصاح خالد والمسلمون: لله درك من فارس، اكشف لنا عن لثامك لنعرف من أنت.
فمال عنهم ولم يخاطبهم، وانغمس في الروم فتصايحت به الروم من كل جانب، وكذلك المسلمون، وقالوا: يا أيها الرجل الكريم، يا أيها الفارس الملثم، أميرك يخاطبك وأنت تعرض عنه؛ اكشف عن اسمك وحسبك لتزداد تعظيماً -يريدون ما عند الله، بينهم وبين الله أسرار لا يعلمها إلا الله- فلم يرد عليهم جواباً، فلما ابتعد عن خالد سار إليه خالد بنفسه، وقال له: ويحك شغلت قلوب الناس، وشغلت قلبي بفعلك، فمن أنت؟! فلما ألح عليه خالد خاطبه الفارس من تحت لثامه بلسان التأنيث، وقال: إنني يا أمير المؤمنين لم أعرض عنك إلا حياء منك؛ لأنك أمير جليل، وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور! فقال لها خالد: من أنت بارك الله فيك؟ قالت: أنا خولة بنت الأزور.
إنها تلميذة من مدرسة النبوة، إنها فارسة مقاتلة عنيدة تخرجت من مدرسة لا إله إلا الله، ما كانت لتكون كذلك إلا لأنها عابدة صوامة قوامة، ما كانت لتفعل تلك الأفعال وتسجل تلك اللحظات إلا لأنها عابدة صوامة قوامة، أما اليوم فما أكثر النساء المسلمات المأسورات في السجون: أتسبى المسلمات بكل ثغر وعيش المسلمين إذاً يطيب أما لله والإسلام حق يدافع عنه شبان وشيب فقل لذوي البصائر حيث كانوا أجيبوا الله ويحكم أجيبوا كم اشتكت نساء فلسطين، ونساء الشيشان، ونساء العراق خاصةً في الفلوجة؟! لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي