للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خالد يودع الدنيا]

ثم مات خالد، والله تعالى قد كتب الموت والفنا على كل مخلوقاته، كما قال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].

فاليوم والأزمة تشتد لابد من التفاؤل، ولابد من بث روح الانتصار، ورفع المعنويات بين أفراد الأمة، إنها سحابة صيف وستنقشع بإذن الله، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:٢٢٧]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:٨ - ٩].

نعم أيها الناس! إن هذا الدين سينتصر بعز عزيز أو بذل ذليل، لكن أين دوري ودورك؟ وأين دورك أنت أيتها الصالحة المؤمنة؟ فالإسلام اليوم في أمس الحاجة لجهد كل واحد منا، وإن أعظم ما نقدمه للإسلام اليوم أن ننتمي للإسلام حقيقة الانتماء، وأن نطبق الإسلام واقعاً ملموساً في حياتنا، وأن نحافظ على الصلوات، ونعمر المساجد، وننتهي عن المحرمات.

فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم التفاؤل في الأزمات، فما ضاقت إلا فُرجت، وبعد الليل فجر سواء طال الليل أو قصر.

متفائل واليأس بالمرصاد متفائل بالسبق دون جيادِ متفائل رغم القنوط يذيقنا جمر السياط وكثرة الجلاد متفائل بالغيث يسقي روضنا وسماؤنا شمس وصحو باد متفائل بالزرع يخرج شطأه رغم الجراد كمنجل الحصاد متفائل يا قوم رغم دموعكم إن السما تبكي فيحيا الوادي والبحر يبقى خيره أتضره يا قومنا سنارة الصياد فدعوا اليهود بمكرهم وذيولهم نمل يدب بغابة الآساد متفائل بشرى النبي قريبة فغداً سنسمع منطقاً لجماد حجر وأشجار هناك بقدسنا قسماً ستدعو مسلماً بجلاد يا مسلماً لله يا عبداً له خلفي يهوديُّ أخو الأحقاد فطهر تربنا من رجسه لا تبق دياراً من الإلحاد قسماً بمن أسرى بخير عباده وقضى بدائرة الفناء لعاد لتدور دائرة الزمان عليهم ويكون حقاً ما حكاه الهاد هذا يقيني وهو لي بل للصدى والكأس غامرة لغلة صاد فاجعل يقينك بالإله حقيقة واطمع بكفك صارماً لسداد وإذا قطعت الرأس من حياتهم لا تنس أذناباً بكل بلاد إن هذا الدين سينتصر بـ خالد وبغير خالد، فالأمة التي أخرجت خالداً قادرة على أن تخرج أمثال خالد، واليوم نرى تباشير الصباح قد ظهرت وأشرقت، فهاهم الشباب يعمرون المساجد، وهاهي الفتيات يتزين بزينة الإيمان، وهاهم الآباء في وسط هذه الأحداث يحثون الصغير والكبير على التمسك بهذا الدين.

أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميمِ إن هذا الدين سيظهر بعز عزيز أو بذل ذليل، لكن ما هو الدور الذي ينبغي أن أقوم به أنا وأنت وأنت؟ {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ * وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:٧ - ٨].

وقال جل في علاه: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف:٤٤].

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر الشرك والمشركين، وانصر عبادك الموحدين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!