ثم قال سبحانه:{وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ}[الشورى:٤٥]، يظهر في ذلك اليوم مقدار الربح والخسارة، والخسارة الحقيقية في ذلك اليوم العظيم أن تخسر نفسك وأهلك، وأن تخسر أحبابك وأقاربك في ذلك اليوم العظيم، يوم يفرّق بينهم إما إلى جنات وإما إلى دركات العذاب المقيم حيث يخسرون لذاتهم وشهواتهم ويخسروا أنفسهم؛ لأنهم لم يستجيبوا لرب العالمين، ((أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ)) أي: دائم أبديٌ سرمديٌ، لا خروج لهم منه ولا محيص، وليس هناك من ينصرهم في ذلك الموقف، أو يكون لهم شفيعاً أو نصيراً، كما قال الله:{وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ}[الشورى:٤٦] فأين أصحابهم وشياطينهم لينصرونهم أو يعينوهم أو يخففوا عنهم؟ فليس لهم نجاة ولا خلاص من ذلك اليوم العظيم.
وبعد أن ذكر الله تلك الأهوال والأمور العظام حذر منها وأمر بالاستعداد قبل فوات الأوان، فقال:((اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ)) أي: لا دافع ولا مانع له، فهو يأتي كلمح البصر، كما قال جل في علاه:{وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}[القمر:٥٠].