للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض عيوب المتزوجين]

لعلٍّي في عجالة أذكر بعض عيوب المتزوجين.

فبعضهم هاش باش في الشارع، يضحك مع هذا، ويضحك مع ذاك، وإذا دخل إلى بيته لا تكاد تراه يتبسم في وجه أهله! كثير من يظن -نسأل الله العفو والعافية- أنه يوم نقرأ أحاديث السلام، أو أحاديث المصافحة، أو أحاديث الخصومة، أو أحاديث كذا أننا نطبقها على الناس ولا نطبقها على أهلنا (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، لكن تبسمك في وجه أهلك أعظم، حين تتصدق على الفقير فالأمر عظيم، لكن حين تتصدق على أهلك الأمر أعظم، حين تصافح فلاناً وفلاناً الأمر عظيم، وتحط خطاياكم، لكن حين تصافح أهلك فالأمر أعظم.

سبحان الله! كثير من النساء يشتكين: ما عرفنا كلام الحب والغرام إلا أيام الملكة، فإذا أخذها في داره ومضى الشهر ثم الشهران فلا تسمع مثل هذا الكلام، كلمة (أحبك) غير موجودة في قاموس كثير من الشباب اليوم.

أقسم بالله العظيم أني خاطبت مجموعة من الشباب يوماً بينما كنا نتبادل أطراف الحديث، قلت: متى آخر مرة قلت لزوجتك: أنا أحبك؟ قال: لماذا أقول لها أصلاً، هي تعلم أني أحبها، أين أثر الكلمة الطيبة؟ اسألها: ألا تريدين أن أقول لك مثل هذا الكلام؟! اتصلت بي امرأة باكية بعد محاضرة من المحاضرات، فقالت: الحمد لله الذي أنقذني! لقد كنت على شفا حفرة من النار وأنا متزوجة، تقول: أقسم بالله العظيم أنه أصبحت لي علاقات هاتفية، ولولا أن الله ستر علي لخرجت معهم.

لكن الحمد لله، الله أنقذني؛ بقي أن تنصحوا أزواجنا بأن يتلطفوا معنا في العبارات، قولوا لأزواجنا: أن يتلطفوا معنا بالعبارات، وأن يقولوا لنا كلاماً فيه حنان ومودة ولطف، لماذا نسمع هذا الكلام من الذئاب؟! أيها الإخوة! المرأة تسيطر عليها المشاعر فهي تحتاج إلى أن تسمع مثل هذا الكلام منك، مثل: أحبك! أودك! أنت أغلى ما عندي! أنت أم عيالي! زوجتي العزيزة! زوجتي الحبيبة! وتعالوا نفتح قاموساً جديداً، ونضع فيه مثل هذه العبارات.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما يدخل على أهله يستاك ويتطيب، واليوم الواحد منا يدخل على أهله وله رائحة كريهة يا إخوان! والله البعض يترفع أن يبتسم، بل إن البعض حين يتكلم عن أمه أو عن أخته أو عن زوجته يقول: المرأة أعزكم الله، فهو إذا تكلم عن المرأة يظن أنها أمر مهان، أبداً إنها مخلوق مكرم من عند الله، بل إن الله قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} [البقرة:٢٢٨]، فوضع لها حقوقاً وواجبات.

ويوم حجة الوداع خصص النبي صلى الله عليه وسلم جزءاً كبيراً من الخطبة في ذلك اليوم العظيم للمرأة، وكان أكثر ما تكلم عن حقوق المرأة، ثم أرشد الأمة فقال: (ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد) لماذا؟ لأن الجاهلية كانت تهين المرأة، ولا تضع لها اعتباراً، وليس لها قيمة، فكانت لا تستشار ولا يؤخذ برأيها، بل كان يتم التعامل معها كمتاع من أمتعة البيت، فجاء الإسلام ليغير هذا المفهوم، فقال: (استوصوا بالنساء خيراً) في آخر وصاياه وهو يودع الحياة.

ثم تأمل في هذه العبارات الجميلة: (رفقاً بالقوارير) واسمع بارك الله فيك! وهو يتلطف مع النساء: (رفقاً بالقوارير) إنه قائد أمة -أيها الإخوة- وعنده تسعة بيوت، ويتعاهد البيوت كل يوم، ويلاطف نساءه التسع، وأنت عندك زوجة واحدة، ولم تستطع أن تلاطفها بالليل وبالنهار، ألست تطالبها بالتزين والزينة أمامك؟ أنا لست أدافع، لكني أرد لكل ذي حق حقه، فعند النساء كثيراً من الأخطاء وسنتكلم في أخطاء النساء، لكن الرجل بيده التغيير يا إخوان! والرجل أكثر صبراً وتحملاً، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (استمتعوا بهن على عوج).

والظروف التي تمر بها هي، أو هل تدري ماذا يعني حمل ونفاس؟ والله أحوال لا يعلمها إلا الله، فتخيل وأنت تحمل في يدك قطعة وزنها كيلو واحد، وأنت حامل لها لمدة ساعة أو ساعتين أو ثلاث، فهل تستطيع أن تتحمل؟ وكم ستتعب؟ وكم ستضايقك؟ وتأمل في حملها تسعة أشهر الثلاثة أربعة أو إلى خمسة كيلو في بعض الأحيان، ثم هي تصبر وتتحمل، ثم يأتي من يهينها بعد صبرها وتحملها.

بعض الأزواج يضحك ويتبسم في الشارع، فإذا دخل إلى بيته لا تكاد تسمعه، تقول عائشة: (كان بساماً في بيته يضاحك أهله ويلاعب أهله) بل أصبح تعدد الزوجات اليوم فضيحة من الفضائح، ومصيبة من المصائب في المجتمع الإسلامي، والسبب: الظلم.

إن زواجه صلى الله عليه وسلم من تسع لم يمنعه من أن يعطي كل بيت حقه، بل كان يجمع النساء ويلاعبهن، وقد اجتمعت عنده سودة وعائشة يوماً من الأيام، فأخذ يضاحك هذه ويضاحك هذه حتى قامت عائشة مرة بحريرة ولطخت بها وجه سودة، ولأن سودة امرأة أضعف من عائشة، فمسك النبي صلى الله عليه وسلم بـ عائشة وأخذت سودة تلطخ وجهها.

ويعملن هذا وهن ضرائر! لكن من الذي قام بالمسئولية؟ ومن الذي ألف بين القلوب؟ إنه الرجل، فهو الذي يؤلف بين القلوب.

وأنت عندك امرأة واحدة فاكسب قلبها بارك الله فيك! وأنت إما زوج وإما ستكون زوجاً في القريب العاجل، فتعلم أدب الزواج قبل الزواج.

وبعضهم قد يتزين للناس ولا يتزين لأهله، ويلبس للناس أحسن الثياب، فإذا جاء أمام أهله لبس أرداها.

يقول ابن عباس: والله إني لألبس لها أغلى ثيابي، وإني لأتزين أشد مما هي تتزين لي.

واليوم وقت شاشات ومغريات، والمصيبة العظمى: ضياع الغيرة من قلوب الرجال، فيجلس هو وإياها وهي تشاهد الرجال، وهو يشاهد النساء.

ثق تمام الثقة بأي منظار أنت تنظر للمرأة، بنظرة الإعجاب في طولها! في قوامها! في شعرها! ثق تمام الثقة أنها تنظر للرجال بنفس النظرة.

لما دخل ابن أم مكتوم الأعمى، وكانت حفصة وعائشة جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جلس قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عائشة وحفصة: (انصرفا، فقالتا: يا رسول الله! إنه أعمى، قال: أعمياوان أنتما؟!).

فالمرأة تنظر إلى الرجل بنفس النظرة التي أنت تنظر إلى المرأة، والأدهى والأطم عندما يجلس هو وإياها يشاهدان المصارعة الحرة، فتخيل رجلاً مفتول العضلات! فهم يأتون بأناس مفتولين العضلات كالمنافقين، هيئات وشعور طويلة، وهي تنظر إلى زوجها تقول: الله ابتلاني بهذا، تشاهد رجلاً ذا طول وعرض وعضلات، وشعر طويل وحركات، ثم ماذا يلبس أمامها؟ إنه شبه عار، ثم ترى هذا يكحكح أمامها بسبب الدخان، والسمنة قد أهلكته! لماذا الله أخبرنا أن من كمال نساء الجنة أنهن قاصرات الطرف؟ من كمال جمال المرأة في الجنة أنها قاصرة الطرف لا تنظر إلى أحد من الرجال غير زوجها، وهذا هو المطلوب من المرأة اليوم، أنها لا تلتفت إلى أحد من الرجال غيره.

اسمع هذه دعابة وخذها مني: امرأة تقول: أنام مع زوجي ونضع الشاشات والقنوات معنا في غرفة النوم، وهو يسهر وأنا أنام، وكلما قمت أحسست ببلل على وجهي! وفي اليوم الثاني أجد ثيابي مبللة، ووجهي مبللاً، فقلت: سأنظر ماذا يصنع زوجي؟ ومن أين يأتي هذا البلل؟ فكان الزوج يا إخوان! كلما نظر إلى امرأة على شاشة التلفاز بصق على زوجته.

ولو نمت أنت واستيقظت وهي تشاهد الرجال، والله ستملأ وجهك مثلما ملأْت وجهها.

نعم يا إخوان! الله أمر الرجال بغض الأبصار، وفي المقابل أمر النساء كذلك، هذا يغض البصر، وهذا يغض البصر، حتى لا يسقط كل واحد من عين صاحبه، وحتى لا تسقط زوجتك من عينك، ولا يسقط زوجك أنت من عينك، قال تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن:٧٢]، {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن:٧٤].

لما مات النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ على سودة أم المؤمنين رضي الله عنه قول الله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:٣٣]، ما خرجت من بيتها إلا إلى المقبرة، لماذا؟ لأنها قصرت الطرف، ومات حبيبها فما عادت الدنيا تغنيها، فالرجل يحتاط لأهل بيته.

تقول لي إحداهن: له شهر ما يكلمني، ونحن نعرف الحديث الذي فيه: (لا يحل لامرئ مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) هذه زوجته، تقول: حتى السلام لا يسلم علينا، وبعضهم يهجرها أطول من هذا، وقد تستمر الخصومات في البيوت لأشهر طويلة، نسأل الله العفو العافية.