عباد الله! حاسبوا أنفسكم واستعدوا للعرض أمام الله جل في علاه، فإلى متى الغفلة -عباد الله- ومنادي الله يناديكم:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ}[الأنبياء:١]؟! واعلم رعاك الله أنه عند ساعة الموت لا عثرة تقال، ولا توبة تنال، كان خليد العصري يقول: كلنا أيقن بالموت وما نرى له مستعداً، وكلنا أيقن بالنار وما نرى لها خائفاً، وكلنا قد أيقن بالجنة وما نرى لها عاملاً! فإلى متى الغفلة عبد الله؟! وأين ندمك على ذنوبك؟ وأين حزنك على عيوبك؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك؟ وتضيع يومك كما ضيعت أمسك؟ فلا مع الصادقين لك قدم، ولا مع التائبين لك ندم، فهلا بسطت يداً سائلة؟ وهلا أجريت دموعاً سائلة؟ فانتبه قبل أن تنادي: رباه! ارجعون فيقال: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون).
فانتبه قبل أن توقف أمام الله للعرض، فتقول:{يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}[الزمر:٥٦].
مر الحسن البصري على أقوام يضحكون فقال: هل مررتم على الصراط؟ قالوا: لا، قال: أتدرون إلى الجنة يؤخذ بكم أم إلى النار؟ قالوا: لا، قال: فعلامَ الضحك؟! لا على الصراط مررتم، ولا إلى الجنة تؤخذون، ولا من النار تنجون فكيف تضحكون؟! فاتقوا الله عباد الله! واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، وأدوا الحقوق، وتحللوا من بعضكم قبل ألا يكون درهم ولا دينار، فأخلصوا أعمالكم لله، وحافظوا على الصلوات، وانتهوا عن الفواحش والمنكرات، وتوبوا إلى الله توبة نصوحاً.
اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً قبل الموت، وشهادة عند الموت، ورحمة بعد الموت يا رب العالمين! اللهم استر في ذلك اليوم عوراتنا، وأمن فيه روعاتنا، وثقل فيه موازيننا، وزحزحنا فيه عن النار، وأدخلنا فيه الجنة يا رب العالمين! اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم ردهم إليك رداً جميلاً يا رب العالمين! اللهم ارحم الشيب، وبارك في أعمارهم يا رب العالمين! اللهم احفظ نساءنا وأطفالنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء دينك، وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم، اللهم صن أعراضهم واحقن دماءهم، وتقبل شهداءهم، وفك أسرانا وأسراهم.
اللهم اكبت عدوك وعدونا من يهود ونصارى وحاقدين، وافضح المنافقين والمعتدين يا عليم يا خبير يا قوي يا عزيز! اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم.
اللهم لا ترفع لهم في بلاد المسلمين راية، ولا تحقق لهم في بلاد المسلمين غاية، اللهم أخرجهم من بلاد المسلمين أذلة صاغرين يا قوي يا عزيز! عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النحل:٩٠]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.