هناك قصيدة لـ سعيد بن مسفر وهي جميلة أسماها: الأيام مطايا، يقول فيها: هذه الأيام مطايا أين العدة قبل المنايا؟ أين الأنفة من دار الأذايا؟ أين العزائم أرضيتم بالدنايا؟ إن بلية الهوى لا تشبه البلايا وإن قضية الزمان لا كالقضايا يا مستورين! ستكشف الخفايا إن ملك الموت لا يقبل الوساطة ولا يأخذ الهدايا أيها الشاب! ستسأل عن شبابك أيها الشيخ! تأهب لعتابك أيها الكهل! تدبر أمرك قبل سد بابك يا مريض القلب! قف بباب الطبيب يا منحوس الحظ! اشك فوات النصيب لذ بالجناب قليلاً، وقف على الباب طويلاً واستدرك العمر قبل رحيله وأنت بداء التفريط عليلاً يا من نذر الموت عليه تدور! يا من هو مستأنس في المنازل والدور! لو تفكرت في القبر المحفور وما فيه من الدواهي والأمور كانت عين العين منك تدور يا مظلم القلب! وما في القلب نور الباطن خراب والظاهر معمور إنما ينظر للبواطن لا للظهور يا من كلما زاد عمره زاد اسمه! يا من يجول في المعاصي فكره وهمه! يا قليل العبر وقد دق عظمه! يا قليل العبر وقد تبين أن القبر عما قليل يضمه! كيف نعظ من نام قلبه لا عقله وجسمه؟! فالأيام تقربان كل بعيد، وتأتيان بكل موعود ووعيد، وما من يوم تشرق شمسه إلا ومناد ينادي: يا ابن آدم! أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني إذا مضيت لا أرجع أبداً.
فهاهي الأعمار تنقضي، وهاهي الليالي تنطوي، وهكذا هي الحياة، فهاهو المسلسل يعيد نفسه من جديد، انقضت بالأمس اختبارات وامتحانات، وها نحن وإياكم نستقبل أيام الإجازات، فعلى أي حال سنستقبلها؟ هل نستقبلها كما استقبلناها في المرات الماضية والأعمار تضيع هدراً؟ فلو رأيت إنساناً يسير في طريق من الطرقات وبيده رزمة من الريالات، فصار يقذف بها يمنة ويسرة لعددت هذا مجنوناً غير عاقل، مع أن المال يعوض، فماذا تقول في الذي يهدر العمر، ويضيع الساعات، ولا يعرف قيمة الدقائق والثواني؟! جاء أحدهم إلى العمل متأخراً، وجاء بعذرٍ أقبح من ذنب، قلت له: ما الذي أخرك؟ قال: أطلت السهر ليلة البارحة، قلت: في قيام وقراءة قرآن؟ قال: أتهزأ بي؟! وأنا أعرفه لا يكاد يصلي صلاة الظهر في جماعة، ثم قال: قناة رياضية عرضت ثلاث مباريات من الدوري الأوروبي، شاهدتها مباراة تلو الأخرى، أي: بمعدل ساعتين لكل مباراة! فهذا أضاع ست ساعات أمام الشاشات والقنوات!