[دور المهتدين والملتزمين بالدين تجاه إخوانهم الشباب الغارقين في الشهوات]
السؤال
شاب يقول: أنتم تقولون لنا: التزموا وابتعدوا عن المحرمات، وأنتم لا تدرون أين نعيش وكيف نعيش! فأنتم في بُعد عنا أيها الملتزمون! فقد لعبت بنا الفضائيات والشبكات والمحرمات والشهوات، فأين أنتم منا؟ ولماذا لا تأتون إلينا؟ فهل من كلمة يا فضيلة الشيخ! لمن هداهم الله سبحانه وتعالى؟
الجواب
هذا كلام له وعليه، فأما الإخوة الذين هداهم الله فإنهم مطالبون بأن يسعوا إلى هداية إخوانهم، وهذا واجب على كل من سلك طريق الاستقامة، (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، لكن أنت أيها السائل! في المقابل إذا غرقت فإنك في يوم القيامة ستحاسب بنفسك وحيداً {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر:٣٨]، فالله سيحاسبك عن أخطائك أنت، فإن لم يأتوك هم فاذهب أنت إليهم، فأنت مطالب كما هم مطالبون، فكلٌ مطالب بفكاك رقبته والفوز بالجنة، وفي المقابل كلنا مطالب بأن نتعاون على مثل هذا.
وأقول لمن هداهم الله: اتقوا الله في إخوانكم، فوالله! إن فيهم من الخير ما الله به عليم، ووالله! إن أكثرهم لا يحتاج إلا إلى دفعة خفيفة وتوجيه ميسر، بل إن أحدهم - والله يا إخوان! - يقول: كنت أجلس على شاشات الإنترنت الساعات الطوال التي تصل إلى ست أو سبع ساعات، فأجلس أحادث هذه وتلك ثم بعد ذلك خصومات معهن وسب وشتام ولعان وكلمات لا يعلم بها إلا الله، يقول: وفي مرة من المرات قبيل صلاة الفجر إذا بفتاة من الذين يدخلون على مثل هذه المواقع حتى ينشروا رسائل دعوية، فترسل من غير إظهار شخصيتها، فخاطبت أحد الشباب الذين اشتهروا في ذلك الموقع بتطاولهم هنا وهناك، فأرسلت له مقطع من شريط فقط وقالت له: أسألك بالله أن تسمع هذه المقدمة، ثم أغلقت وخرجت من الموقع، يقول: فقلت في نفسي ماذا أخسر لو سمعت هذه المقدمة، يقول: فسمعتها فجلست مكاني أفكر، ثم بدأت أبكي، ثم في اليوم الثاني أتانا من منطقته إلى الدمام، أي: أنه قطع أربعمائة كيلو ويقول: أنا أريد أن أغير مجرى حياتي، فلم تكلف دعوته شيئاً سوى دقائق معدودة غيرت مجرى حياته، وهو الآن يقيم ويرابط في المسجد ولا يخرج منه، فهو يأكل وينام ويصلي مع المصلين، يقول: سبحان الله! وجهه يستنير يوماً بعد يوم، وهذا كله بدعوة صادقة من فتاة أرسلتها إليه فتغير واقع حياته.
إن الشباب فيهم خير كثير، لكنهم يحتاجون إلى تذكير، فإذا إن كان ذلك الجيل الفريد يذكَّر فنحن من باب أولى نحتاج إلى أن يذكر بعضنا بعضاً.
لكن أقول لهذا: انتبه على نفسك، فإذا لم يأتوك هم فاذهب أنت إليهم، واسعَ إلى نجاة نفسك، فستسأل أنت يوم القيامة، ولا أسال أنا عنك لماذا أنت فعلت كذا؟