[خاتمة السوء]
شتان بين موت الصالحين وبين موت أهل السفور وأهل الفجور.
شاب من الشباب أعرفه تمام المعرفة، فيه من الحياء شيء قليل لا يكفي لأن يردعه عن الحرام، فكم مررنا على بيت ذلك الشاب والشباب عنده مجتمعون في لهو وضياع للأوقات والأعمار.
كنت أمر عليهم في أوقات الصلاة وأقول: يا شباب! لله حق فأدوا حق الله ثم اصنعوا ما تشاءون، عل الله أن يتدارككم برحمته.
كانوا لا يستجيبون، ثم جاءت الأخبار أنهم قد نووا السفر إلى بلاد الكفار، حيث يحارب الله بالمعاصي، ذكرناهم خوفناهم ولكن تمكن منهم الشيطان وزين لهم أعمالهم، وقال: لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جارٌ لكم، ذهبوا ورجعوا بعد ثلاثة أيام يحملونه في تابوت، ما الخبر؟ ما القصة؟ ما الخطب؟ أكثروا من اللهو والضياع والمعاصي فأصابته نوبة قلبية وخر ميتاً في مكانه، ذهبوا وهم يسيرون جميعاً على الأقدام ورجعوا وهم يحملونه على أكتافهم، هل كان يظن يوم أن سافر أنها آخر سفرة يسافرها في حياته.
وقفتُ على قبره تذكرتُ الأيام الماضية، وكم ذكرناهم وكم قلنا لهم ولكن لا تحبون الناصحين، كم قلنا لهم وكم وعظناهم، ولكن إنّا لله وإنا إليه راجعون.
أهكذا يموت الشباب؟! قلت في نفسي: ما جاء من أرض جهاد حتى نكون به من الفرحين، ما جاء من أرض علاج حتى نكون عليه من المشفقين، ما جاء من أرض يطلب فيها العلم حتى نكون به من المباهين.
الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت.
فاتقوا الله عباد الله اتقوا الله عباد الله فالعمر مهما طال فهو قصير، والدنيا مهما عظمت فهي حقيرة.
أكثروا من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات، ومؤتم البنين والبنات، زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة، أكثروا من مجالس الذكر فإنها تحيي القلوب.
فإذا قسا القلب فلابد من الإكثار من ذكر الله، وتذكر الآخرة وتذكر الموت، وتذكر النهاية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:١٨ - ١٩].
اللهم اجعل خير عمرنا آخره، وخير عملنا خواتيمه، وخير أيامنا يوم نلقاك.
اللهم أطل أعمارنا، وأصلح أعمالنا.
اللهم امنن علينا بتوبة نصوح قبل الموت، وشهادة عند الموت، ورحمة بعد الموت يا رب العالمين! لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم، بها نحيا وبها نلقى الله.
اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله.
اللهم هون علينا الموت وسكراته، والقبر وظلماته، والسؤال وشدته، والقبر وضمته، ويوم القيامة وكرباته.
اللهم عاملنا بما أنت أهله، ولا تعاملنا بما نحن أهله، إنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة.
اللهم اغفر ذنبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم اجمع شملنا، ووحد صفنا، وأصلح ذات بيننا، وانصرنا يا قوي يا عزيز! على القوم الكافرين.
أستغفر الله العظيم، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.