إن الوقت أخية هو الحياة وهو رأس المال، فإياك ثم إياك أن منه دقيقة واحدة في غير طاعة.
أخية! لو رأيت إنساناً يحرق كل يوم مبلغاً زهيداً من المال فستقول عنه: إنه مجنون وسفيه، ولا بد أن يحجر عليه، لكن والله الذي لا إله إلا هو! إن الذي تضيع جزءاً من عمرها فيما لا ينفع هو أعظم سفهاً ممن يحرق المال؛ لأن المال يمكن أن يعوض، ولكن العمر إذا ذهب لا يعوض أبداً، وصدق الشاعر حين قال: دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني أخية! إن المؤمن الصادق تعلم أنها في صراع دائم مع الوقت، وأن الساعة التي تمر عليها ولا تغتنم بفعل الطاعات، فإنها مغبونة عليها، قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي.
وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات، فنقل عن عمرو بن قيس أن رجلاً قال له: كلمني، فقال له: أمسك الشمس.
ومعنى كلامه: أن عقارب الساعة تسير إلى الأمام دائماً وأبداً، وأنها لا تقف ولا ترجع أبداً إلى الوراء، فينبغي للمسلم أن تعرف شرف زمانها وقيمة وقتها، فلا تضيع منه لحظة في غير قربة إلى الله، وتحرص على تقديم الأفضل فالأفضل من القول والعمل.
قال ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي ساعة الاحتضار، فقال: يا بني! دعني فإني في وِردي السادس.
فانظر كيف كانوا في آخر اللحظات يحرصون على استغلال الأوقات بالطاعات.
ودخل ناس على أحد السلف عند موته وهو يصلي فقال: دعوني فالآن تطوى صحيفتي.