القبر أول منازل الآخرة! ولماذا الحديث عن القبر؟ لأن في القبر يتحدد المصير إما إلى جنة وإما إلى نار.
القبور على نوعين أيها الغالي، القبور على نوعين أيتها الغالية: إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران لا بد من الاستعداد، لا بد من عمارة الدار قبل سكناها.
عندما تموت وتموتين سيتبعك ويتبعك ثلاثة: العمل، المال، الولد.
سترجع الدنيا وما فيها وستبقى رهين العمل، (فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد دون ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
قال صلى الله عليه وسلم:(ما رأيت منظراً قط إلا والقبر أفظع منه).
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجياً عند ابن ماجة عن البراء قال:(كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير القبر وبكى حتى بل الثرى، ثم قال: يا إخواني! لمثل هذا فأعدوا).
دخل أحد العباد وهو كعب القرظي على عمر بن عبد العزيز بعد توليه الخلافة فجعل ينظر في وجهه فإذا هو وجه شاحب وبدن ناحل، كأن جبال الدنيا قد تساقطت عليه، فقال يا عمر! ما الذي دهاك؟! يا عمر ما الذي أصابك؟! والله لقد رأيتك أجمل فتيان قريش، تلبس اللين وتجلس على الوثير، لين العيش نظر البشرة، والله يا عمر! لو دخلت عليك في غير هذا المكان ما عرفتك! فتنهد عمر باكياً وقال: أما إنك لو رأيتني بعد ثلاث ليال من دفني وقد سقطت العينان، وانخسفت الوجنتان، وعاثت في الجوف الديدان، وتغير الخدان؛ لكنت لحالي من حالي أشد إنكاراً وعجباً.
ثم بكى عمر وبكى الناس حتى ضج مجلسه بالبكاء.
بكى عمر من حاله في القبر، ونحن على ماذا نبكي؟! بكى عمر بن عبد العزيز من حاله في القبر ونحن على ماذا نبكي؟! {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[التوبة:٨٢]، {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ * فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}[النجم:٦٠ - ٦٢].
ضعوا خدي على الترب ضعوه ومن عفر التراب فوسدوه وشقوا عنه أكفاناً رقاقاً وفي الرمس البعيد فغيبوه فلو أبصرتموه إذا تقضت صبيحة ثالث أنكرتموه وقد سالت نواظر مقلتيه على وجناته وانفض فوه وناداه البلى هذا فلان هلموا فانظروا هل تعرفوه حبيبكم وجاركم المفدى تقادم عهده فنسيتموه