بعد معركة أحد أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فخرج النساء يتلقين الجيش العائد من أرض المعركة، والكل يسأل عن أخبار ذلك اليوم العظيم، خرجت من بينهن امرأة.
من الأنصار، خرجت لتستقبل الجيش، خرجت لتطمئن على الحبيب صلى الله عليه وسلم، قيل لها: مات أبوك، فاسترجعت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا صنع النبي صلى الله علية وسلم؟ فقيل لها: مات زوجك، فاسترجعت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا صنع النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقيل لها: مات أخوك، فاسترجعت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا صنع النبي صلى الله علية وسلم؟ فقالوا لها: هو بخير، قالت: والله لا يهدأ لي بال، ولا يقر لي قرار حتى أراه بأم عيني، فلما رأته بكت, وضحكت، وتبسمت، وقالت: كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله، كل فقد غير فقدك يهون يا رسول الله.
هل شاهدت مثل هذا الحب؟! أرأيت كيف هان عندها فقد الأب، والزوج، والأخ؟ إنه الحب الصادق لله ولرسوله، كيف لا تحبه وهو الذي أنقذها الله به من الظلمة إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الجهل إلى العلم، ومن الضلالة إلى الهدى، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن النار إلى الجنة.
أنا أعرف أنك تحبينه ولكن ما هو الدليل؟ هل اتبعت سنته؟ هل أخذت بهديه؟ كم تذكرين اسمه وتصلين عليه في اليوم والليلة؟ كم تحفظين من أحاديثه؟ ماذا تعرفين عن سيرته؟ أين أنت من أوامره التي أمر بها؟ وأين أنت من نواهيه التي نهى عنها؟ كم بذلت لنصرة هذا الدين والدعوة إليه.
قال صلى الله عليه وسلم:(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده، ووالده، والناس أجمعين).
نسينا في ودادك كل غالٍ فأنت اليوم أغلى ما لدينا تسلى الناس بالدنيا وإنا لعمر الله بعدك ما سلينا ولما نلقكم لكن شوقاً يذكرنا فكيف إذا التقينا نلام على محبتكم ويكفي شرفاً نلام ولا علينا إن كان عز في الدنيا اللقاء ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا