الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.
اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وإخوانه.
عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة:٢٨١].
أحبتي! ضاعت فلسطين وضاعت كثير من بلاد المسلمين بسبب لهونا وغفلتنا، فما منا من أحد إلا وهو مسئول عن العمر فيما يفنيه، وعن الشباب فيما يبليه.
أحبتي! إن واقع الأسر والبيوت مرير أليم، فما أن تحين ساعة الغروب حتى تتحلق أسرنا أمام الشاشات والقنوات، تتحلق أمام التلفاز تتعلم من دروسه التطبيقية حتى ساعات الليل الأخير.
نريد أن تحيا بيوتنا وأسرنا التي دمرها ذلك الجهاز الذي اغتال فينا الحياء، فقتل الفضيلة وأبعد وألهى عن الدين، وبلد أحاسيسنا، وخدر قلوبنا.
عباد الله! أما للسبات من آخر! أما للقلوب من صحوة! أما للعقول من وثبة! ماذا حل بنا؟ وأين ذهبت عزتنا ووحدتنا، ألم يخبرنا ربنا بأن كان عليه نصر المؤمنين؟ ألم يعدنا ربنا بأن جند الله هم الغالبون؟ وما الذي حدث ولماذا تأخر النصر علينا؟ الذي حدث أننا حاربناه فخذلنا، نعم وبألم في القلب لا يعلمه غير الذي خلق، أقول: حاربناه وتباهينا بمحاربته، ووالينا أعداء الله من اليهود والنصارى، فانتكسنا ثم انتكبنا على موائد الاستسلام.
ما كان للهامات أن تنحني لو كان فيها عزة المسلم لقد استبدل كثير منا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وبدل أن نرفع شعار الإسلام رفعنا شعارات القومية العربية والقبلية، فتفكك البنيان، وسقط النصر من أعلى مكان، وقد بات واضحاً لكل ذي عقل ولب، أن لا خير في شرق ولا غرب، ولا خير في رأسمالية ولا اشتراكية، ولن تعود لنا عزتنا إلا برفع شعار هذا الدين الذي رضيه الله لنا رب العالمين، فأتم علينا نعمته، فنحمده سبحانه نحمده، وبالدين تقر العيون وتطمئن القلوب ويتحقق النصر وتصان الأعراض.
وحينها سيفرح الأقصى بعودته إلى حوزة المسلمين، وما ذلك على الله بعزيز {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[الروم:٤ - ٧].