عذراً رمضان
لقد كان رمضان شهر عبادة واجتهاد، وكذا كان حالهم قبل وبعد رمضان، فما هو حالنا؟! اسمع شيئاً من أخبارنا في بحث واستفسار وأسئلة طرحت على مئات من المجتمع رجالاً ونساءً موظفين وطلاباً عن حالهم وعن أوقاتهم في رمضان، فجاءت الاعترافات التي تؤكد لنا قوله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً فطوبى الغرباء).
فقائل يقول: أقضي الليل أمام شاشات التلفاز، أتابع القنوات الفضائية حتى طلوع الفجر مع بعض زملائي، وقائل: تحت أضواء الملاعب ضمن سلسلة المباريات المقامة في ليالي رمضان.
وقائل: على موائد البلوت والورقة في المجالس وعلى الأرصفة.
وقائل: أقضي الأوقات في التنزه في الحدائق تارة وفي الأسواق تارة.
أما أهل الوظائف فسهر بالليل ثم كسل وخمول طوال النهار، والنتيجة لوم وتوبيخ وخطابات إنذار، وآخر يقول: أنا أحسن من غيري حيث يتسنى لي النوم في المكتب، وآخر يقول: في رمضان يكثر غيابي وتكثر الخصميات.
وفي لقاءات مع بعض أئمة المساجد تحدث بعضهم مستبشرين بزيادة المصلين في رمضان، وإقبال الناس على الطاعة، وعبر آخرون عن حزنهم لحال المتخاذلين حتى في رمضان، وقال آخر: إنهم يزدادون في صلاة الفجر حتى يمتلئ المسجد، ولكنا لا نكاد نراهم في صلاة الظهر والعصر، فقد قلبوا ليلهم نهاراً، ونهارهم ليلاً.
وفي الأسواق اسمع الأخبار من رجال الهيئات.
أما في المقاهي فسئل أحد العاملين في أحد المقاهي عن الفرق بالنسبة لهم عن العمل في رمضان وفي غيره من سائر الشهور، فأجاب: إن العمل في رمضان يكون أكثر تعباً وإرهاقاً، حيث يكثر الزبائن ويزدحمون بمعدل الضعف عن غيره من الشهور، ويمضون ليلهم كله في المقاهي.
أما الأبناء فعلى الأرصفة والطرقات، صخب ولهو فتسأل نفسك أين الراعي عن الرعية؟! أما النساء فسهرات نسائية وانشغال في إعداد أصناف الحلويات والمشروبات والمأكولات، وأمهات يسهرن حتى الفجر في انتظار الأولاد الذين لا يعودون إلا في هذه الأوقات المتأخرة.
أما الأسواق والمجمعات فحدث ولا حرج فأين العبادة؟! أين الجد والاجتهاد؟ يقول أحدهم: أنام بعد الفجر ولا أستيقظ إلا بعد صلاة العصر، فالنوم عبادة! وآخر يقول: يوقظني والدي عند الإفطار وفي بعض الأحيان لا أفطر إلا قبيل صلاة العشاء.
ومع أحد الزبائن في إحدى المقاهي كانت هذه الأسئلة السريعة: منذ متى وأنت هنا؟ قال: من الساعة الثانية عشرة، إلى متى تجلس؟ قال: إلى وقت السحور، هل أنت موظف؟ قال: نعم أنا موظف حكومي، ألا تتأخر عن دوامك؟ قال: أتأخر قليلاً ثم أكمل النوم في المكتب.
هذا هو رمضان اليوم عند كثير من الفئات.
فيا خيبة الصائمين! ويا حسرة المفرطين!