[النفخ في الصور]
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨] {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].
في حديث الصور من حديث أبي هريرة قال: (ثم يأمر الله عز وجل إسرافيل فينفخ نفخة الصعق، فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، فإذا اجتمعوا أمواتاً جاء ملك الموت إلى الجبار، فقال: قد مات أهل السماء والأرض إلا من شئت، فيقول سبحانه وهو أعلم، من بقي؟ فيقول: يا رب! بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقي حملة العرش، وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا، فيقول الله عز وجل: ليمت جبريل وميكائيل، فينطق العرش فيقول: أي رب، يموت جبريل وميكائيل؟ فيقول سبحانه: اسكت، إني كتبت الموت على من كل تحت عرشي، فيموتان، قال: ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار جل جلاله، فيقول: يا رب! قد مات جبريل وميكائيل، فيقول سبحانه وهو أعلم، من بقي؟ فيقول: يا رب! بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقي حملة العرش، وبقيت أنا، فيقول: ليمت حملة العرش، فيموتون، فيأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يقول سبحانه: ليمت إسرافيل فيموت، ثم يأتي ملك الموت فيقول: يا رب! قد مات حملة عرشك، فيقول: وهو أعلم، من بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت أنا، فيقول الله: أنت خلق من خلقي، خلقتك لما رأيته فمت، فيموت.
فإذا لم يبق إلا الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فكان كما كان أولاً، طوى السماء كطي السجل للكتب، ثم قال: أنا الجبار أنا الجبار، لمن الملك اليوم، فلا يجيبه أحد، فيقول جل ثنائه وتقدست أسماؤه: لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، فينادي لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، فيقول سبحانه: لله الواحد القهار، بنفخة واحده يصعق من في السماوات ومن في الأرض، ويفني كل شيء إلا وجهه).
إنها أهوال وشدائد في ذلك اليوم، الذي جاء ذكره في كتاب الله عز وجل: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:١٠٤].
إنه يوم يقول الله عنه: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} [المطففين:١٠ - ١٣].
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧].
قال الله عن أهواله: {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} [الانفطار:١ - ٥].
وقال الله عنه وعن أهواله: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير:١ - ١٤].
أهوال وكرب وشدائد.
ثم نفخة ثانية: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر:٦٨] يخرجون من القبور ينفضون من على رءوسهم التراب {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:٤٣] {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم:٤٣] {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه:١٠٨].
وقال سبحانه: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} [طه:١١١ - ١١٢].