للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قناص الفلوجة]

ولقد شهد شاهد منهم أنهم ما كانوا يظنون أنهم سيواجهون بمثل تلك القوة والشراسة -والحق ما شهدت به الأعداء- اسمع معي هذا الخبر والذي نشرته مجلة (النيويورك تايمز) في عددها الأخير بعنوان: (واحد من أصعب دروس المعركة): مائة وخمسون من المارينز من جنود البحرية في مواجهة قناص واحد، يقول الخبر: في يوم الأربعاء من الساعة الثامنة صباحاً قامت الطائرات مرتين بقصف ذلك المبنى الصغير المكون من ثلاثة طوابق الواقع على الطريق السريع بطلب من جنود المارينز، فألقت الطائرات قنبلتين زنة الواحدة خمسمائة رطل مع إطلاق المدفعية حوالي خمسة وثلاثين قذيفة، كما قامت الدبابات بإطلاق عشر قذائف بالإضافة إلى ثلاثين ألف طلقة من رشاشاتهم بواسطة جنودهم حتى لم يبق من المبنى سوى حطام ودخان، ومع ذلك بقي القناص يطلق عليهم النار بل أوقع فيهم مقتلة وعدد من الجنود قد سقطوا تحت رشاشه.

قناص واحد أبقى كتيبة كاملة دون حراك وليوم كامل، يقول قائد تلك الكتيبة: بينما نحن نحاول بجنون أن نجد مكانه، يجلس أحدهم في مكانه يأكل طعامه يتربص بنا برصاصاته، وقد جن جنوننا حتى نعرف من أين تأتي تلك الطلقات.

نسى القائد الجاهل أن الأرض تقاتل مع أهلها، ثم استعانوا بالطائرات لقصف المبنى الآخر المجاور ولمدة ساعتين، قنابل من الأرض وقنابل من السماء، وبعد أن هدأت قنابلهم فاجأهم القناص مرة أخرى وأوقع فيهم مقتلة، فقال قائدهم: لا أعرف أين هو ولكنه مدرب بشكل جيد.

قلت: هو يرمى بأمر الله القائل: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:١٧]، لكم أن تتخيلوا معركة بين واحد وبين ومائة وخمسين من الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساءً، ثم انسحب القناص المسلم المجاهد بعد أن لقنهم درساً من دروس القرآن، قال الله: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:١٩].

شكراً لكم يا أبطال الفلوجة، شكراً لكم يا أبطال العراق والشيشان وفلسطين، فلقد رفعتم رءوسنا في زمن الذل والعار.