للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صور من تضحيات الصحابة في غزوة أحد]

لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم هجوم الكفار قال لنفر ممن حوله من شباب الأنصار: (من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة) فتطايرت الكلمات إلى مسامع شباب الأنصار، فتسابقوا حتى قتلوا جميعاً واحداً تلو الآخر وهم ستة من الرجال.

وأما أبو دجانة فقد صنع العجب العجاب، فقد احتضن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصبح ظهره ترساً للنبي صلى الله عليه وسلم يقول المؤرخون: إن ظهره أصبح كظهر القنفذ من كثرة الرماح والنبال التي ألقيت على ظهره! ولا زال القوم يقدمون على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (من يردهم وهو رفيقي في الجنة؟)، فقام سعد بن الربيع يوم سمع هذه الكلمات، فالجنة هي التي بايعوا النبي عليه الصلاة والسلام من أجلها، وهاهي الآن تعرض عليهم بأرخص الأثمان.

ياحبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها فرمى بالدرع الذي كان يلبسه؛ لأنه كان يثقله، وانطلق يقاتل حتى قتل.

ولم يشترك من نساء المسلمين في تلك المعركة إلا امرأة، ولكنها بألف رجل، إنها أم عمارة رضي الله عنها وأرضاها، فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم في أرض المعركة قد تكالب عليه الأعداء من يمنة ويسرة رمت القراب التي كانت تسقي بها جرحى المسلمين، وأخذت تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم يا أختاه! يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عنها: (ما رأيت مثل ما رأيت من أم عمارة في ذلك اليوم! ألتفتُ يمنة وأم عمارة تذود عني، والتفت يسرة وأم عمارة تذود عني)، وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم في أرض المعركة: (من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟! سليني يا أم عمارة! قالت: أسألك رفقتك في الجنة يا رسول الله! قال: أنتم رفقائي في الجنة).

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ وجاء أبي بن خلف عدو الله يقول: أين محمد؟ لا حييت إن حييا، فلم يتردد القائد أو يجبن أو يختفي خلف الصفوف، ولكنه أخذ رمحه ووجهه نحو عدو الله فأرداه قتيلاً في أرض المعركة.