للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النظرة المادية والشرعية للمصائب]

أيها المسلمون! إنني أكرر وأقول: إنه يجب علينا -ونحن ولله الحمد مسلمون مؤمنون- أن ننظر إلى الأحداث والمصائب نظرة شرعية مقرونة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لأننا لو نظرنا إليها نظرة مادية لكان غيرنا من الكفار أقوى منا من الناحية المادية وأعظم منا، وبها يتسلطون علينا ويستعبدوننا.

ولكننا إذا نظرنا إليها نظرة شرعية من زاوية الكتاب والسنة فإننا سوف نرجع عما كان سبباً لهذه المصائب، ونحن إذا رجعنا إلى الله، ونصرنا دين الله عز وجل، فإن الله يقول في كتابه وهو أصدق القائلين وأقدر الفاعلين: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:٤٠ - ٤١].

لم يقل: الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا مسارح الفسق واللهو والمجون، ولكنه قال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:٤١].

وتأمل يا أخي المسلم، كيف قال الله عز وجل: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:٤٠] أكد هذا النصر بمؤكدات لفظية وهي القسم المقدر، واللام التي تدل على التوكيد، ونون التوكيد، وأكد ذلك بمؤكدات معنوية، وهي قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:٤٠] فبقوته وعزته ينصر من ينصره.

وتأمل كيف ختم الآيتين بقوله: {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:٤١] فإن الإنسان قد يقول بفكره الخاطئ: كيف ننتصر على هذه الأمم الكافرة وهي أقوى منا وأعتى منا؟ فبيَّن الله تعالى أن الأمر إلى الله وحده وأنه على كل شيء قدير.

ولا يخفى علينا جميعاً ما تحدثه الزلازل التي تكون بأمر الله عز وجل بأن يقول للشيء كن فيكون، فيحدث من الدمار العظيم الشامل في لحظة واحدة ما لا تحدثه قوى هذه الأمم مجتمعة، يحدث في لحظات رب الأرض والسماوات من الدمار العظيم الشامل ما لا تحدثه قوى هذه الأمة إذا كانت مجتمعة.

والله لو نصرنا الله حق النصر لانتصرنا على كل عدو لنا في الأرض، لكن مع الأسف أن كثيراً منا كانوا أذيالاً لأعداء الله وأعداء رسوله، ينظرون ماذا يفعلون من المحادة لله ورسوله فيتبعونهم على ذلك، وربما يذهبون إلى بلادهم فيلقون بأفلاذ أكبادهم من الأولاد بنين وبنات، ومن أهل تلك الديار التي لا تسمع فيها إلا النواقيس، لا تسمع فيها أذاناً، لا تسمع فيها ذكراً لله عز وجل، لا ترى فيها إلا مسارح اللهو والمجون، فنسأل الله تعالى أن يرد ضال هذه الأمة إليه رداً جميلاً.

انتهى كلامه رحمه الله، قلت: إلى الله المشتكى! كيف لو نظر ابن عثيمين في ما أصابنا من الدمار والفرقة والشقاق! كيف لو رأى ابن عثيمين ما صنعت بنا أكاديميات استار!