للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الاستغفار]

إن المسكين: هو من لا يستطيع أن يكسب أمثل هذه الدرجات الحسنات جزاء أعمال يسيرة، (من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، كتبت له ألف حسنة، وحطت عنه ألف خطيئة) وهذا العمل يسير، والأجر المترتب عليه كبير، فأسهل العبادات وأيسرها ذكر الله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:٤١ - ٤٢]، بالليل والنهار، الهج بحمده، ويكفيك شرفاً يا من تذكر الله قول الله: {اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢]، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)، من أنت حتى تذكر في ذلك المجلس؟ هناك من يقول: هل دعاء المجلس يكفر الغيبة؟ لا؛ لأن الغيبة كبيرة من الكبائر، والكبائر لا يكفرها إلا التوبة، فإذا اغتبت أحداً، فكفارتها التوبة، ومن شروط التوبة: أن ترد المظالم إلى أهلها، وقد يتقبل الاعتذار، ويقول: عفا الله عنك، وبعضهم لا يتقبل، فدرءاً للمفسدة اقصد المجلس الذي ذكرته فيه بغيبة أو بشر واذكره فيه بخير، وادعو له واستغفر له، واسأل الله أن يعفو عنا وعنه.

وحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وصحح إسناده أحمد شاكر.

إذاً: فأمر الاستغفار عظيم، فما خرج الاستغفار من لسان صادق وقلب خاشع إلا غفر لصاحبه الذنب مهما كان، فعن زيد رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاثاً غفر له وإن كان فر من الزحف)، والفرار من الزحف من الموبقات السبع لكنه إذا صدق بلسانه وخشع بقلبه، وقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له ما كان منه، ولو فر من الزحف، ومهما كان الذنب، وهذا مصداق قول الله في الحديث القدسي: (يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة).

فلماذا يغلق الباب أمام المذنبين والمقصرين؟ فلما قال ذلك العابد للذي قتل تسعة وتسعين نفساً: ليس لك توبة، كانت النتيجة أنه قتله، فمن يغلق باب الرحمة؟! كل الأبواب تغلق إلا باب الرحمة، بل إن آخر باب يغلق باب التوبة والاستغفار، فإذا طلعت الشمس من مغربها فذلك حين {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام:١٥٨]، فهذه آخر العلامات وبعدها يغلق الباب، ولكن قبلها مهما بلغت الذنوب فالباب مفتوح.

والكثير من الناس يرسلون لنا ويقول أحدهم: أنا فعلت، وأنا فعلت، وأنا فعلت، وأنا فعلت، فهل يغفر الله لي؟ نعم يغفر لك مهما كان الذنب، بشرط: أن تصدق في توبتك، وتصدق في رجوعك إلى الله، حتى لو زنيت أو سرقت أو أكلت مال ربا، وفعلت كل شيء، مهما فعلت، لكن بشرط أن تعود وتستغفر وتلين وترجع إلى الله.

فالذنب لا يضر الله لا من قريب ولا من بعيد: (يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي! إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني).