[أسماء الشيطان وأصله]
إن الشيطان من الجن، وقد كان يعبد الله في بداية أمره، وسكن السماء مع الملائكة، ودخل الجنة، ثم عصا ربه عندما أمره بالسجود لآدم؛ استكباراً وعلواً وحسداً، فطرده الله من رحمته.
والشيطان في لغة العرب: يطلق على كل عاص ومتمرد، وهو مأخوذ من (شَطَنَ)، أي: بعد عن الحق وتمرد عليه، وقد أطلق عليه هذا الاسم لعتوه وتمرده وتكبره على أوامر الله تبارك وتعالى، كما يطلق عليه لفظ الطاغوت، وهو الطاغوت الأكبر كما قال الله: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء:٧٦].
واسم الشيطان معلوم عند غالبية أمم الأرض بنفس الاسم، فهو يسمى بنفس الاسم في كل لغات أهل الأرض، وسمي طاغوتاً لتجاوزه حده، وتمرده على ربه، وتنصيبه نفسه إلهاً يعبد من دون الله، فكل من رضي أن يعبد من دون الله كان طاغوتاً.
وسمي بإبليس ليأسه من رحمة الله تبارك وتعالى.
وأما أصله: فقد اختلف المتقدمون والمتأخرون في أصله، فمن قائل: هو من الملائكة، ومن قائل: هو من الجن، وهذا هو الراجح والصحيح لأدلة كثيرة منها: أن القرآن نص على أنه من الجن، كما قال الله: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [الكهف:٥٠].
وقال سبحانه: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف:٥٠] فله ذرية، والمعروف أن الملائكة ليس لها ذرية، والشياطين تتوالد وتتكاثر.
وقد ثبت بالنص الصحيح أن الجن غير الملائكة في خلقهم، وغير الإنس أيضاً، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح مسلم - (أن الملائكة خلقوا من نور، وأن الجن خلقوا من نار، وأن آدم خلق من طين).
ولقد قال الله على لسان إبليس: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف:١٢].
وقال سبحانه: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} [الحجر:٢٧].
وقال سبحانه: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن:١٥].
فعلى هذا يكون خلقه مغايراً لخلق الملائكة، فالملائكة خلقوا من نور وهو وذريته خلقوا من نار.
قال صاحب (الظلال): قال الله عن الملائكة: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦]، وهو حين أُمر عصى وتكبر وتمرد، فلو كان من الملائكة ما عصى أوامر الله تبارك وتعالى، فالراجح والأصح أنه من الجن وليس من الملائكة.