جاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم فقال: يا إبراهيم! لقد أسرفت على نفسي بالذنوب والمعاصي، فقل لي في نفسي قولا بليغاً، قال: أعظك بخمس قال: هات الأولى، قال: الأولى: لا تأكل من رزق الله واعص الله، قال: كيف يا إبراهيم! وهو الذي يطعم ولا يُطعم؟! قال: عجباً لك تأكل من رزقه وتعصيه! قال: هات الثانية: قال: الثانية: لا تسكن في أرض الله واعص الله، قال: كيف يا إبراهيم الأرض أرضه والسماء سماؤه؟! قال: عجباً لك تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وتعصيه! قال: هات الثالثة، قال: الثالثة: اذهب في مكان لا يراك فيه الله واعص الله، قال: أين يا إبراهيم! وهو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم؟! قال: عجباً لك تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وفي كل مكان يراك ثم تعصيه! قال: هات الرابعة، قال: الرابعة: إذا أتاك ملك الموت ليقبض الروح فقل له: إني لا أموت الآن، قال: من يستطيع يا إبراهيم؟! والله يقول:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}[الأعراف:٣٤] قال: عجباً لك، تأكل من رزقه، وتسكن في أرضه، وفي كل مكان يراك، ولا تستطيع رد الموت إذا أتاك وتعصيه! قال: هات الخامسة، قال: الخامسة: إذا جاءك زبانية العذاب تأخذك إلى النار فخذ نفسك إلى الجنة، قال: من يستطيع هذا يا إبراهيم؟! قال: عجباً لك، تأكل من رزقه، وتسكن في أرضه، وفي كل مكان يراك، ولا تستطيع رد الموت إذا أتاك، ولا تملك لنفسك جنة ولا نار ثم تعصيه؟! قال: اسمع يا إبراهيم! أنا أستغفر الله وأتوب إليه، فأعلنها توبة وإنابة وفراراً إلى الله، وأعلنها رجعة وانضماماً إلى قوافل العائدين.
وأنت نعم أنت إياك أعني! يا من تأكل من رزقه، وتسكن في أرضه، وفي كل مكان يراك، ولا تستطيع رد الموت إذا أتاك، ولا تملك لنفسك جنة ولا ناراً! أما آن لك أن تتوب وتستغفر علام الغيوب؟! أما آن لك أن تنظم إلى قوافل العائدين؟! أما آن لما أنت فيه متأب وهل لك من بعد الغياب إياب تقضت بك الأعمار في غير طاعة سوى عمل ترجوه وهو سراب وليس للمرء سلامة دينه سوى عزلة فيها الجليس كتاب يعني: القرآن.
كتاب حوى العلوم بكلها وكل ما حوى من العلوم صواب ففيه الدواء لكل داء فاظفر به فوا الله ما عنه ينوب كتاب كتاب: أي: القرآن.