[وقفة بعنوان: رسالة بين المآسي والآهات]
نعم رسالة إلى صاحبة العباءة المزركشة، وصاحبة العباءة المعلقة على الأكتاف، اسمعي هذا الخبر من فتاة أرسلت برسالة إليكِ عنوانها: (إليكِ من قلب يحترق عليك).
تقول في رسالتها: أختي الغالية! تذكرة بسيطة أقدمها إليك، قد لا تعلمينها أو قد تكوني غافلة عنها، أقرئيها واسمعيها ثم فكري جيداً فيما سمعت وقرأت، ثم اختاري الطريق، فالله يقول: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان:٣]، قد لا تكونين قد دخلت مغسلة الموتى من قبل، ولكنني والله دخلت مع أغلى إنسانة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، دخلت مع أمي الحبيبة، تلك الأم الرائعة قلباً وقالباً، هذا ليس رأيي فيها بل رأي كل من رآها وعرفها، أو سمع عنها رحمها الله.
تقول: سوف أحكي لكِ موقفاً بسيطاً قبل الدخول في موضعنا عنها، لقد أصابها المرض الخبيث -يعني أمها- ولقد تعذبت كثيراً، ولكنها لم تشتك، نعلم بشدة مرضها من الأطباء الذين يستغربون من صبرها وتحملها وعدم شكواها، كان ذكر الله على لسانها لا يتوقف، وهذا سر قوتها وتحملها، أما قال الله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢].
في العام الذي توفيت فيه وفي شهر شعبان ازداد المرض عليها، وكانت تتعذب من شدة الألم لكنها كانت تدعو وتقول: (اللهم إن كنت قد كتبت علي الموت فإني أسألك أن تبلغني رمضان، لأنك تعلم أنني لا أحب الدنيا إلا لرمضان، اللهم لا تقبضني إلا بعد رمضان) كانت دائماً تكرر هذا الدعاء، استجاب الله دعاءها وبلغها رمضان، ثم ماتت في نهاية يوم عرفة وبداية ليلة العيد، ماتت وهي متبسمة، ماتت بعد أن نطقت بالشهادة والملائكة تستقبلها بروح وريحان.
تقول: أخية! قد أكون قد أطلت عليكِ في رسالتي، لكني أردت من خبر أمي أن تعلمي أن من حفظ الله في الدنيا حفظه الله عند الموت وبعد الموت.
أخية! إن لم تكوني قد دخلت مغسلة الموتى من قبل فلا بد من دخولها لغسل إنسانة حبيبة على قلبك، أو ليغسلك أحباؤك.
أخية! هل تعلمين أن المرأة بعد تغسيلها وتكفينها تغطى بعباءتها، حتى إذا أنزلوها في القبر أرجعوا العباءة، هذا ما عرفته بعد أن غسلنا أمي الحبيبة وودعناها.
فيا من تلبسين العباءة المزركشة! ويا من تلبسين عباءة الكتف! ويا من تلبسين العباءة الملتصقة على الجسد التي تفتن الشباب وتظهر المفاتن! هل تقبلين أن تكون هذه العباءة من يرافقك إلى المقبرة؟؟!! لا تغفلي عن الموت أخية، واعمري العمر بالطاعات وتجنبي الفواحش والمنكرات، اعلمي أن الطاعة محبة وتوفيق من الله، وأن المعصية خذلان وإبعاد.
كان لرجل جارية قامت من الليل تصلي فأيقظته فلم يقم، فكررت إيقاظه فلم يقم، فتوضأت وأسبغت الوضوء وأخذت تناجي ربها، فاستيقظ فبحث عنها، فإذا هي ساجدة تناجي ربها وتقول: بحبك لي إلا ما غفرت لي، فلما انتهت قال لها: كيف علمت أنه يحبك؟ فقالت: لولا محبته لي ما أنامك، وأقامني بين يديه.
سمعتي وفهمتي؟! الطاعة محبة وتوفيق، والمعصية خذلان وإبعاد.
أسالك بالله العظيم أما تردد هذا الحديث على مسامعك مرات ومرات، لكن هل فهمتي معناه؟ وهل عملتي على أن تنجي من الوعد والوعيد الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث؟ قال صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما، -ثم قال:- ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كاسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها -اسمعي بارك الله فيك! لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها- وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم، وفي رواية: (العنوهن فإنهن ملعونات).
أسمعتي؟ هل استشعرت عظيم الأمر والخطر؟ لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها! وعيد تهتز لهوله الأبدان، ثم في قوله: (العنوهن فإنهن ملعونات) والله إنها لدعوة تخشاها العقول قبل القلوب، هذا عن الوعيد، فكيف أنت بمن توعدن به، كاسيات عاريات، أما رأيتيهن في الأسواق والمجمعات؟ لبسن عباءات على آخر الصرخات والموديلات، علقن العباءات على الأكتاف، فبدت الصدور بارزة والجسوم مخصرة وغطاء وجه يشكو إلى الله استغناء صاحبته عنه، ما درت أن الحجاب والعباءة ليسا للزينة، إنما لستر الزينة وإخفائها.
أسألك بالله! أهذه العباءات الفاضحة تليق بحفيدات عائشة وفاطمة؟ إذا خوطبت قالت أنا بالنفس واثقة حريتي دون الهوى تبدو قلت أنا اثنان يا أختاه ما اجتمعا دين الهوى والفسق والصد والله ما أردى بأمتنا إلا ازدواج ما له حد