[قصص من الواقع عن أحوال الغافلين والصالحين عند الموت]
الغفلة تصد عن الحق، وتصد عن اتباع المواعظ، وتصد عن استماع النصيحة، قال جل جلاله:{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}[الأعراف:١٤٦].
فماذا أعددت للموت وسكراته؟ وماذا أعددت للقبر وظلماته؟ وماذا أعددت ليوم مقداره خمسون ألف سنة؟ وماذا أعددت لسؤال وجواب في ذلك اليوم العظيم؟ ستسأل عن الصلوات، وستسأل عن النظرات، وستسأل عن الكلمات، وستسأل عن كل صغيرة وكبيرة.
مر الحسن البصري على مجموعة من الشباب، ومن بينهم شاب يضحك بأعلى صوته، فقال له الحسن: هل مررت على الصراط؟ قال: لا، قال: هل تدري إلى الجنة يؤخذ بك أم إلى النار؟ قال: لا، قال: إذاً: على ماذا هذا الضحك؟ إلى متى أحبتي! ونحن ندفن موتانا ولا نعتبر؟ إلى متى ونحن نودع الصغار والكبار ولا نزدجر؟ ندخل المقابر مرات ومرات وغطاء الغفلة لا زال يخيم على القلوب.
كان السلف يقولون: إذا سرنا في جنازة لا نرى إلا متقنعاً باكياً.
وانظر في واقعنا إذا سرنا في الجنازات اليوم، كانوا يقولون: كنا لا ندري من نعزي لكثرة الباكين، واليوم لا ندري من نعزي لكثرة الضاحكين، وعند المصائب والآلام تدخل المقبرة حين توديع الأموات فلا ترى الناس يتأثرون، فإذا لم تؤثر المقابر وأخبار أهل القبور فينا وتغير من أحوالنا فما الذي يؤثر فينا ما الذي يغير الواقع؟ إن مصير الغافلين مصير مظلم لا يعلمه إلا الله، تخونهم الذنوب والمعاصي في ساعة هم أحوج ما يكونون للتثبيت من الله جل في علاه.